تقنية

ثورة داخل جوجل | فصل 28 موظفًا بسبب رفضهم تعاون الشركة مع الكيان

بدأت حركات احتجاجية واسعة داخل شركة جوجل، إحدى أكبر الشركات التقنية على مستوى العالم؛ اعتراضًا على تورط الشركة في مشروع نيمبوس مع الكيان الصهيوني. ويُعد هذا المشروع أول تعاون عسكري بشكل رسمي ومكشوف بين الكيان وشركة جوجل. يُشارك بهذا المشروع شركتي جوجل وأمازون، ويهدف المشروع إلى تزويد جيش الاحتلال بتقنيات سحابية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي لتعزيز ترسانته الحربية. 

ولهذا؛ رفض العديد من موظفي جوجل تورط شركتهم في الحروب والصراعات، وبدأوا في تنظيم الاحتجاجات داخل الشركة؛ تحديدًا في مكتب الرئيس التنفيذي لشركة Google Cloud بولاية كاليفورنيا. وقد شاركت مجموعة أخرى من الموظفين في احتجاجات بمدينة نيويورك في مكتب الشركة بحي تشيلسي. وأظهرت كاميرات الفيديو مشاهد حية لفض احتجاجات مكتب تشيلسي في نيويورك، إذ ألقت السلطات القبض على جميع الموظفين المُشاركين في هذه الاحتجاجات؛ لتُفاجئنا جوجل بعدها بفصل كافة الموظفين المُشاركين بهذه الاحتجاجات بشكل نهائي.

وطبقًا لتغريدة حساب حملة No Tech For Apartheid على منصة X؛ أمرت جوجل بالقبض على موظفيها المُحتجين داخل الشركة. وصرحت جوجل أنها أبلغت سلطات إنفاذ القانون لفض هذه الاحتجاجات بالقوة عندما رفض الموظفون المشاركون بها مغادرة مكاتب الشركة. تأسست هذه الحملة بعد الإعلان عن مشروع نيمبوس في عام 2021؛ بواسطة مجموعة من مهندسي جوجل وأمازون؛ بهدف مناهضة تورط الشركات التقنية الكبرى في عمليات الفصل العنصري والحروب.

فصل 28 موظفًا بشركة جوجل بسبب احتجاجات نيمبوس

بدأت القصة عند إرسال مجموعة من موظفي جوجل بريدًا إلكترونيًا إلى الشركة؛ إذ أعلن موظفو جوجل موقفهم المناهض لمشروع نيمبوس، ودعوا إلى وقف العمل به على الفور. وعبَّر أحد مهندسي جوجل العاملين بمجال الحوسبة السحابية عن رفضه القاطع في العمل على تطوير تقنيات عسكرية مُتقدمة تُستخدم في عمليات الإبادة الجماعية والفصل العنصري؛ في إشارة إلى العدوان الصهيوني على غزة.

«لم نحصل على هذه الوظيفة حتى نعمل على تطوير التقنيات القاتلة. إن الاستمرار في هذا العقد يُمثل خيانةً لثقتنا، ولإنسانيتنا، ولمبادئنا الأخلاقية في الذكاء الاصطناعي» ― بيلي فان ديرلار (مهندس برمجيات بشركة جوجل).

«أنا مهندس برمجيات سحابية بشركة جوجل، وأرفض المساهمة في تطوير تقنيات تُستخدم في الإبادة الإجماعية، أو الفصل العنصري، أو مراقبة البشر. إن مشروع نيمبوس يضع الشعب الفلسطيني في خطر كبير» ― إيدي هاتفيلد (مهندس برمجيات بشركة جوجل). 

احتجاجات موظفي شركة جوجل داخل الشركة

وبعد تفاقم هذه الاعتراضات لتصبح احتجاجات رسميةً داخل مقارّ شركة جوجل؛ قررت الشركة فصل كافة الموظفين المشاركين في تنظيم هذه الاحتجاجات؛ والبالغ عددهم 28 موظفًا من مهندسي البرمجيات. وأرسل كريس راكو (Chris Rackow)، رئيس الأمن العام بالشركة، مُذكرةً إلى كافة الموظفين يُحذرهم من تكرار هذه الاحتجاجات؛ مُؤكدًا أن جوجل لن تتسامح أبدًا مع مثل هذه الأحداث التي وصفها بـ «التخريبية»!

مُذكرة كريس راكو مُترجمة إلى العربية:

عواقب صارمة على الأفعال التخريبية بالشركة

رسالة هامة إلى جميع موظفي جوجل؛

قد رأيتم تقارير عن الاحتجاجات التي حدثت في بعض مكاتبنا بالأمس. لسوء الحظ؛ نظم عدد من الموظفين بعض الاحتجاجات داخل مبانينا في نيويورك وسانيفيل؛ حيث استولوا على مساحات مكتبية، وشوهوا ممتلكاتنا، وأعاقوا عمل زملائهم بشكل فعلي. وكان سلوكهم غير مقبول ومزعجًا للغاية؛ ما جعل زملاء العمل يشعرون بالتهديد. خضع الموظفين المتورطين إلى التحقيق بالشركة، ومنعنا وصولهم إلى أنظمتنا الرقمية. أما أولئك الذين رفضوا المغادرة؛ فقد تم القبض عليهم من قبل سلطات إنفاذ القانون وإخراجهم من مكاتبنا.

وبعد التحقيق؛ قررنا اليوم إنهاء عمل ثمانية وعشرين موظفًا ثبت تورطهم في تلك الأحداث. وسنواصل التحقيقات واتخاذ الإجراءات اللازمة حسب تقدير كل موقف.

لا مكان لمثل هذا السلوك في مكاتبنا، ولن نتسامح معه أبدًا. إنه ينتهك بوضوح العديد من السياسات التي يجب على جميع الموظفين الالتزام بها؛ بما في ذلك مدونة قواعد السلوك الخاصة بنا، وسياسة مكافحة المضايقات والتمييز والانتقام، ومعايير السلوك، والمخاوف المتعلقة بمكان العمل.

نحن مؤسسة تجارية؛ ومن المتوقع أن يطَّلع كل موظف في جوجل على سياساتنا ويطبقها على سلوكه وطريقة تواصله بمكان العمل؛ إذ تلتزم الغالبية العظمى من موظفينا بهذه السياسات. وإذا كنت ضمن القِلة القليلة التي تعتقد أننا سنتغاضى عن هذا السلوك المُنتهك لسياساتنا؛ فكّر مرةً أخرى. تتعامل الشركة مع هذه القضية بمنتهى الجدية، وسنواصل تطبيق سياساتنا طويلة الأمد لاتخاذ إجراءات ضد أي سلوك تخريبي؛ بما يصل إلى إنهاء العمل.

وانتظروا سماع المزيد من الخطب حول معايير السلوك بمكان العمل من رؤساكم.

مشروع نيمبوس

وقَّعت شركة جوجل وأمازون على مشروع نيمبوس مع حكومة الاحتلال في أبريل 2021، وهو مشروع بتكلفة تصل إلى 1.2 مليار دولار. ويهدف هذا المشروع إلى تطوير تقنيات سحابية، بالإضافة إلى تقنيات ذكاء اصطناعي وتعلم آلة؛ بهدف استخدامها في تعزيز قدرات جيش الاحتلال؛ فهو مشروع عسكري بالمقام الأول. ويعمل هذا المشروع على إنشاء مساحة سحابية ضخمة تضم ملايين البيانات حول أهالي فلسطين؛ والتي ستُستخدم لاحقًا في تعزيز شبكة التجسس والرقابة التي تفرضها سلطات الاحتلال على الشعب الفلسطيني.

مشروع نيمبوس – تعاون بين الاحتلال وجوجل وأمازون

تضم قاعدة البيانات السحابية الموجودة داخل هذا المشروع تفاصيل عديدةً حول الشعب الفلسطيني؛ إذ ستكون قادرةً على التعرف على وجوه المواطنين الفلسطينيين من خلال التجسس على كاميرات المراقبة الموجودة في الطرق والشوارع، كما ستعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على الربط بين هذه الصور وبين البيانات المدنية التي تجمعها سلطات الاحتلال حول الشعب الفلسطيني؛ ذلك لتتمكن من إحكام القبضة الرقابية على المدنيين.

وبالفعل؛ بدأت قوات الاحتلال في استخدام هذه التقنيات خلال عدوانها على غزة، إذ انتشرت تقارير حول اعتماد جيش الاحتلال على تقنيات متقدمة للذكاء الاصطناعي في التعرف على الوجوه خلال حرب غزة؛ ذلك من خلال شركة Corsight الإسرائيلية، والتي اعتمدت أيضًا على خدمة الصور المُقدمة من جوجل Google Photos في تعزيز قاعدة البيانات الضخمة التي تُطورها سلطات الاحتلال لإحكام سيطرتها على الشعب الفلسطيني.

ختامًا؛ وفي خضمّ سيطرة الاحتلال على الشركات التقنية الكبرى؛ يقف بعض الموظفين الشرفاء صامدين، ورافضين التخلي عن مبادئهم؛ حتى لو كان ذلك على حساب مستقبلهم المهني.

<!—->

الوسوم

خالد ميمون

مدون جزائري. مستشار تقني في الاتصالات , مهتم بالتقنية المجتمع و الدين, يدون بشكل غير منتظم في مدونة البريد اليومي , ذو خبرة في مجالات : الاتصالات , الشبكات , الخوادم ,تصميم مواقع الانترنت الديناميكية و الحلول المخصصة, أنظمة لينيكس و البرامج مفتوحة المصدر.

مقالات ذات صلة

أترك تعليقا

إغلاق