اقتصاد
ترامب يثبت أنه جاد بشأن التعريفة الجمركية، لكن الأمر لا يتعلق بالتجارة
هل يعتزم دونالد ترامب فرض رسوم جمركية كبيرة؟ كان هذا هو السؤال الذي ظل يتردد صداه، ليس فقط في الأسواق العالمية بل بين جميع المهتمين بشؤون الاقتصاد العالمي بأكمله.
كان الرأي السائد آنذاك أنه لم يكن جاداً حقاً، وكان الدليل على ذلك هو ترشيحه للمدير السابق لأحد أكبر صناديق التحوط سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة، وهو شخص يراه كثيرون معتدلاً فيما يتعلق بالرسوم الجمركية مقارنة بآخرين طرحت أسماؤهم لهذا المنصب.
لكن هناك إجابة قاسية للغاية على هذا السؤال ظهرت بين عشية وضحاها. نعم، إنه جاد، وعلى نحو غير متوقع على الإطلاق. فمن خلال اختياره استهداف المكسيك وكندا، فضلاً عن الصين، بهذه القيود التجارية، فإنه يؤكد التهديدات التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية والتي بدت الأكثر غرابة بين تصريحاته.
لكن ماذا يعني اتفاق التجارة الحرة الذي أبرمه ترامب الآن، إذا كان البيت الأبيض على استعداد لفرض رسوم جمركية على بلدك؟
يُرجح أن الأساس المنطقي الذي تقوم عليه القيود التي يستهدف ترامب فرضها على الواردات الأمريكية لا يتعلق في المقام الأول بالتجارة أو السياسات الاقتصادية. بل يتعلق بالضغط على المكسيك وكندا والصين لتغيير سياساتها في التعامل مع الهجرة وأنشطة المخدرات غير الشرعية.
ويستخدم ترامب الرسوم الجمركية كسلاح دبلوماسي، وحتى كوسيلة لإجبار دول أخرى على أشياء يريدها، في أمور لا علاقة لها على الإطلاق بالتجارة العالمية.
فهل يستسلم زعماء دول مجموعة العشرين، وشعوبهم، حتى يحقق الرئيس الجديد الفوز عليهم؟
من الممكن أن يختار هؤلاء الانتظار حتى يظهر التأثير الحتمي الذي قد يترتب على فرض ترامب زيادة في التعريفة الجمركية بحوالي 25 في المئة على ما يقدر بحوالي 40 في المئة من الواردات الأمريكية، وينعكس سلباً على المستهلك الأمريكي ومعدلات التضخم.
ومن الواضح أيضًا أن اختيار بيسنت وزيرًا للخزانة لن يخفف من الضغوط التي تستهدف فرض التعريفات الجمركية.
وفي خضم المعركة على ترشيحه، بذل ترامب قصارى جهده للتأكيد على قوة التعريفة الجمركية كأداة كان ألكسندر هاملتون نفسه، أول وزير خزانة أمريكي على الإطلاق، رائداً فيها.
وفي وقت سابق من هذا العام، أشار ترامب أيضا إلى أنه في حين يمكن استخدام الرسوم الجمركية تكتيكيا، فإن الأداة الرئيسية لتجديد التصنيع في الولايات المتحدة ستكون انخفاض سعر الدولار.
ويريد ترامب تغيير الخريطة الاقتصادية العالمية جذريا، وتقليص الفائض التجاري للصين وأوروبا مع الولايات المتحدة، والذي يرى أن اتساعه يُعد “تمزيق للولايات المتحدة”.
لكن العالم أصبح أكثر تعقيداً الآن من هذه العلاقات الاقتصادية الثنائية. ولا شك أن الولايات المتحدة تتمتع بالقوة الكافية للبدء في إعادة التوازن إلى التجارة العالمية.
لكن إذا تمادى الطرفان في هذا الشأن إلى أبعد مما ينبغي، وخاصة مع حلفائهما في مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها معزولة إلى حد كبير.