اقتصاد
“ملكة البحر”، ما أهمية مدينة صور اللبنانية التي هاجمتها إسرائيل لأول مرة في حربها مع حزب الله؟
قبل 34 دقيقة
شنّت إسرائيل ما لا يقلّ عن أربعة هجمات جوية على مدينة صور الساحلية جنوبي لبنان، الأربعاء، مستهدفة ما تقول إنه “مواقع تابعة لحزب الله”.
وطال القصف الإسرائيلي خمس بلدات في قضاء صور. وقبل هذه الهجمات، ظلت المدينة بعيدة بشكل كبير عن نيران الحرب المشتعلة بين حزب الله وإسرائيل.
لمدينة صور رمزية كبيرة في وجدان اللبنانيين، ولا سيما أهل الجنوب.. فماذا نعرف عن هذه المدينة؟
تقع مدينة صور على مسافة نحو 80 كيلومتراً إلى الجنوب من العاصمة اللبنانية بيروت، ويحظى حزب الله والشيعة بوجود قوي في المدينة، لكنّها كذلك موطن مدنيين لا تربطهم علاقة أيديولوجية بحزب الله، ومن هؤلاء مجتمع مسيحيّ كبير.
“أُمّ الدنيا وملكة البحر”
تأسست المدينة القديمة، المعروفة باسم أوشو (اسم سابق لملقرت)، حوالي عام 2750 قبل الميلاد، ونشأ المركز التجاري بعد فترة وجيزة.
تقول الأسطورة إن الآلهة هم مَن أنشأوا مدينة صور. وسجّل المؤرخ اليوناني هيرودوت رحلة قام بها إلى صور، قائلاً إن كهنة المدينة أخبروه أن مؤسسها هو هرقل، الذي كان يُعبد في ذلك الزمان.
فيما تقول مصادر تاريخية عديدة إن اسم صور مأخوذ عن كلمة فينيقية تعني الصخرة أو التُربة الصخرية التي بنى عليها الفينيقيون مدينتهم في حوالي القرن الخامس قبل الميلاد.
وبالفعل، تُعتبر صور شبه جزيرة تنتصب على تلّ صخري متصل بالساحل اللبناني مساحته تُداني سبعة كيلومترات مربعة.
وظلت صور لبضعة قرون عاصمة مدن فينيقية، ووُجدت على أحد نقودها كتابة فينيقية تقول: “صور أُمّ الدنيا” بحسب ما ذكر الكاتب والمترجم السوري يوسف إليان سركيس في مجلة المقتطف المصرية في عددها الصادر في يونيو/حزيران 1924.
ووصف مؤرخون مدينة صور بأنها “تلك المدينة العظيمة التي كانت تظهر عائمة فوق المياه كأنها ملكة ذلك البحر العظيم”.
وكان العصر الذهبي لمدينة صور هو القرن العاشر قبل الميلاد، تحت حكم الملك حيرام.
وجاء في التوراة أن الملك حيرام أرسل إلى سليمان الحكيم في مملكة إسرائيل، البنّائين والنجّارين فبنوا له هيكل أورشليم وقصر الملك، بحسب يوسف إليان سركيس في مجلة المقتطف.
ويعزو مؤرخون شهرة مدينة صور في العصور القديمة إلى التبادل التجاري عبر البحار، حيث كانت صور مركزاً تجارياً هاماً يربط الغرب بالشرق.
“مطمع للغزاة”
وقد اشتهرت مدينة صور عبر التاريخ بمصنوعاتها اليدوية، وبصناعة الصبغة الأرجوانية، وصناعة الزجاج الشفاف، وصيد الأسماك بطبيعة الموقع الجغرافي.
وطالما كانت صور مطمعاً للغزاة منذ قديم الزمان، بدءاً من الآشوريين والبابليين والفُرس، ثم الإسكندر الأكبر الذي احتل المدينة في عام 332 قبل الميلاد.
ودخلت صور تحت حكم الدولة الإسلامية في القرن السابع الميلادي، حتى حكم الصليبيين في عام 1124، قبل أن تخضع للمماليك في عام 1291 ميلادية.
وفي عام 1516، دخلت صور تحت حكم الدولة العثمانية، وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت صور جزءا من دولة لبنان.
وفي عام 1984، أُدرجت مدينة صور على لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
وتشتهر صور بشواطئها الصافية ومرفئها القديم وأطلالها الرومانية، حيث قوس النصر ومضمار سباق الخيول الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي.