اقتصاد
مَن يزوّد روسيا بالسلاح؟
- Author, جيريمي هاول
- Role, بي بي سي – الخدمة العالمية
-
قبل 10 دقيقة
تبعث روسيا بملايين القذائف إلى الجبهة في أوكرانيا سنوياً، فيما لا تتوقف عن شنّ هجمات جوية على أهداف مدنية – مستخدمة في ذلك عادةً ذخائر تأتيها من حلفاء خارجيين، حسبما تفيد تقارير.
وبينما تحاول دول غربية الحدّ من قدرات روسيا على تصنيع أسلحة عبر فرض عقوبات من جهة، تعمل كلّ من الصين وإيران وكوريا الشمالية من جهة أخرى على دعم آلة الحرب الروسية، أيضا بحسب تقارير.
طائرات مسيرة وصواريخ من إيران
وتواجه إيران اتهامات بإبرام صفقة مع روسيا تقضي بتزويد الأخيرة بنحو 200 صاروخ باليستي قصير المدى من طراز “فتح-360” والذي يبلغ مداه نحو 75 ميلاً (120 كيلومتراً) ويستطيع حمل متفجرات تزن 15 طناً.
وتقول المخابرات الأمريكية إن عشرات من عناصر القوات المسلحة الروسية تلقوا تدريباً في إيران على استخدام تلك الصواريخ، التي قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنها يمكن أن تستخدم ضد أوكرانيا في وقت لاحق من هذا الخريف.
وبصواريخ “فتح-360″، يمكن لروسيا أن تضرب أهدافاً تتمثل في مدن ومحطات طاقة أوكرانية قريبة من حدودها، موفّرة بذلك الصواريخ بعيدة المدى التي بحوزتها لضرب أهداف في العمق الأوكراني.
مارينا ميرون، الباحثة في قسم الحرب بكلية كينغز لندن، ترى أن “صواريخ فتح-360 جيدة لضرب أهداف قريبة نسبياً من بعضها البعض، وليس لدى روسيا صواريخ مشابهة لهذه الصواريخ”.
في المقابل، يمكن لروسيا أن تزود إيران بتقنيات عسكرية، بما في ذلك تقنية نووية، حسبما ترى ميرون.
ومؤخراً، فرضت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا عقوبات جديدة على إيران بسبب تزويدها روسيا بالصواريخ.
وتضمنت هذه العقوبات: فرض حظر على رحلات الخطوط الجوية الإيرانية إلى المملكة المتحدة وأوروبا، وحظر السفر على إيرانيين وتجميد أرصدتهم نظراً للاشتباه في تورطهم في تلك الصفقة مع روسيا.
ومن جهتها، دأبت إيران على إنكار تزويد روسيا بأسلحة ذاتية التوجيه مثل صاروخ “فتح-360”.
إلى ذلك، تقول أوكرانيا ووكالات استخباراتية غربية إن إيران تزوّد روسيا بمسيّرات من طراز “شاهد-136” منذ خريف عام 2022.
وتحمل المسيّرة شاهد رأساً حربياً في مقدمتها، وهي مصممة لتحوم فوق الهدف قبل الحصول على إشارة بضربه.
وعادة ما تطلق القوات الروسية “أسراباً” من تلك المسيّرات في محاولة لشلّ الدفاعات الجوية الأوكرانية، وعادة ما تستخدم تلك الأسراب من المسيرات كستار يحجب عن الدفاعات الجوية الأوكرانية رؤية صواريخ كروز والصواريخ الباليستية التي تُطلق من روسيا وتعيق التصدي لها.
وتحمل صواريخ كروز والصواريخ الباليستية كميات أكبر من المتفجرات ومنّ ثم تخلّف دماراً أكبر.
الحكومة الإيرانية، من جهتها، تقول إنها لم تزوّد روسيا إلا بـ “عدد ضئيل” من المسيّرات قبل الحرب.
لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتهمون إيران بإرسال دفعات منتظمة من الأسلحة إلى روسيا، وفي ضوء ذلك، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أشخاص وشركات متورطة.
قذائف وصواريخ من كوريا الشمالية
وفي تقرير صدر في مايو/أيار 2024، قالت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية إنّ كوريا الشمالية زوّدت روسيا بنحو ثلاثة ملايين قذيفة مدفعية.
وتعدّ المدفعية هي السلاح الأساسي الذي يستخدمه الجانبان على الجبهة في أوكرانيا، إذ يصدّ مدرّعات العدو ومُشاته عن التقدّم ويتركهم عاجزين عن المناورة.
المعهد الملكي للخدمات المتحدة، الذي يشار إليه اختصاراً بـ “روسي”، وهو مركز بحثي مقرّه المملكة المتحدة، يقول إن الأشهر الأخيرة شهدت تفوّقاً بنسبة [خمسة إلى واحد] لصالح الجانب الروسي مقارنة بنظيره الأوكراني، وذلك في مضمار القذائف المتوفرة لدى كلّ جانب.
وينسب مركز “روسي” الفضل في سيطرة روسيا على مساحات كبيرة من الأراضي شرقي أوكرانيا منذ شتاء 2023 إلى هذا السبب.
وفي يناير/كانون ثاني 2024، قال ضباط من الاستخبارات الأوكرانية إنهم عثروا على حطام نوعين من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى من تصنيع كوريا الشمالية، وقد جرى استخدامها في هجوم جوي واسع استهدف منطقة خاركيف.
وتقول السلطات الأوكرانية إن أحد هذين النوعين هو “كي إن-23″، وهو صاروخ باليستي يتراوح مداه بين 400 إلى 690 كيلومتراً، ويمكنه أن يحمل رأسا حربياً يزن 500 كيلوغرام.
وعلى خلفية تلك الصواريخ الباليستية، تفرض الأمم المتحدة منذ عام 2006 عقوبات تجارية على كوريا الشمالية.
وتقول الاستخبارات الأوكرانية إن كوريا الشمالية أرسلت 50 صاروخاً باليستياً إلى روسيا، وفي فبراير/شباط 2024، وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، وجّهت الولايات المتحدة اتهاماً لروسيا باستخدام صواريخ كوريّة شمالية في هجمات استمرت على مدى تسعة أشهر على أوكرانيا.
وتقول وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية إن روسيا وكوريا الشمالية بدأتا مفاوضات بخصوص صفقة الأسلحة في خريف 2022، وقد أرسلت كوريا الشمالية الدفعة الأولى من تلك الصواريخ إلى روسيا في خريف 2023 على سبيل الاختبار.
وتقول الوكالة الأمريكية إن روسيا بدأت في استخدام تلك الصواريخ عبر الحدود ضد أوكرانيا في يناير/كانون ثاني 2024.
وتقول مارينا ميرون، الباحثة في قسم الحرب بكلية كينغز لندن، إن صواريخ “كي إن-23” الباليستية قصيرة المدى هي أرخص في التكلفة على روسيا مقارنة باستخدام صواريخها قصيرة المدى من طراز إسكندر.
“علاوة على ذلك، فإن إبرام صفقات أسلحة مع دول مثل إيران وكوريا الشمالية، من شأنه أن يبعث برسالة إلى الغرب مفادها أن روسيا لديها حلفاء، وبأنها ليست معزولة” بحسب ميرون.
ويصعب التصدي للصواريخ الباليستية من أمثال “كي إن-23” نظراً لما تمتلكه من سرعة فائقة للصوت بينما تحلّق صوب أهدافها.
غير أن ضباطاً من الاستخبارات الأوكرانية، قالوا إن العديد من الصواريخ الكورية الشمالية فشلت في إصابة أهدافها بسبب عيوب إلكترونية.
ومن جهتها، تنكر كوريا الشمالية إرسال أسلحة إلى روسيا التي تنفي هي الأخرى استلام أي أسلحة من كوريا الشمالية.
ويقول ضباط من الاستخبارات الأوكرانية إنهم اكتشفوا وجود جنود من كوريا الشمالية يقاتلون جنباً إلى جنب مع القوات الروسية في أوكرانيا، وفي الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الجاري أفادت صحف أوكرانية بمقتل ستة ضباط من كوريا الشمالية وإصابة ثلاثة آخرين وذلك في هجوم صاروخي استهدف قاعدة تدريب عسكرية روسية شرقي البلاد.
وفي عام 2023، أثيرت مزاعم حول وجود جنود كوريين شماليين يقاتلون في أوكرانيا، وهو ما نفاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واصفاً ذلك بـ “الهُراء التام”.
الصين والمكوّنات مزدوجة الاستخدام
وأجمع قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) على اتهام الصين بأنها “داعم رئيسي” لروسيا، إذ تقدّم إليها دعماً واسع النطاق في مجال الصناعات الدفاعية.
ويقول قادة الناتو إن الصين تزوّد روسيا بمكوّنات “مزدوجة الاستخدام” مثل الرقائق الإلكترونية، التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وكذلك عسكرية.
مركز كارنيغي للسلام الدولي، مؤسسة بحثية مقرّها في الولايات المتحدة، يقول إن الصين ترسل لروسيا مكوّنات مزدوجة الاستخدام بقيمة 300 مليون دولار في كل شهر.
ويمكن لتلك المكوّنات أن تستخدم في تصنيع أسلحة كالمسيّرات والصواريخ والدبابات.
ووفقاً لكارنيغي، تصدّر الصين لروسيا 70 في المئة من إجمالي مكونات الماكينات الآلية لديها، و90 في المئة من مواد تصنيع المنتجات الإلكترونية الدقيقة، كالرقائق وأشباه الموصّلات.
وفي عام 2023، استوردت روسيا من الصين 89 في المئة من إجمالي المكوّنات ذات الاستخدام المزدوج التي تدخل في المنتجات الروسية.
وبحسب كارنيغي، كانت ألمانيا وهولندا، قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا، تزوّدان روسيا بمعظم تلك المكونات مزدوجة الاستخدام، وبعد أن امتنعت الدولتان عن تصديرها، بمقتضى العقوبات المفروضة على روسيا، ملأت الصين مكانهما.
من جهتها، تنكر الصين مساعدة روسيا في تصنيع أسلحة، قائلة إنها تلتزم الحياد في الحرب الأوكرانية.
ومن جهة أخرى، تقول وكالة رويترز للأنباء، إن روسيا دشّنت مصنعاً في الصين لإنتاج نوع جديد من المسيّرات طويلة المدى باسم “غاربيا-3”.
لكن الصين تنكر معرفة أي شيء عن هذا المصنع، مؤكدة أنها تسيطر بشكل صارم على تصدير المسيّرات، وفقاً لرويترز.