اقتصاد
نظام ثاد الصاروخي: هل سيحمي إسرائيل من صواريخ إيران؟
قبل 59 دقيقة
في ظل التوترات المتسارعة في الشرق الأوسط، يتفاقم الصراع بين إسرائيل وإيران، خاصة مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نشرها في إسرائيل نظام ثاد الصاروخي، بالإضافة إلى طاقم عسكري أمريكي، للمساعدة في تعزيز دفاعاتها الجوية بعد هجوم صاروخي من إيران في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول.
ليست المرة الأولى التي تنشر فيها الولايات المتحدة بطارية “ثاد” في المنطقة، حيث سبق للولايات المتحدة أن نشرت بطارية “ثاد” في إسرائيل في عام 2019 للتدريب وتدريبات دفاع جوي متكاملة.
يشكل الدعم الأمريكي لإسرائيل جزءاً لا يتجزأ من سياستها، إذ جاء في بيان للبنتاغون أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أمر بإرسال بطارية الدفاع الجوي للارتفاعات العالية (ثاد) وطاقمها “للدفاع عن إسرائيل” كما أكد البيان أن “هذا الإجراء يؤكد التزام الولايات المتحدة الصارم بالدفاع عن إسرائيل، والدفاع عن الأمريكيين في إسرائيل، من أي هجمات صاروخية باليستية أخرى من قبل إيران”.
ما هي نظام ثاد الصاروخي؟
في حديث لبي بي سي مع الخبير العسكري والاستراتيجي ضيف الله الدبوبي، وضح أن (ثاد) يعد نظام دفاع جوي مخصص للارتفاعات العالية، أي قد يصل ارتفاعه إلى 150 كم. يستهدف هذا النظام الصواريخ الباليستية، ويصل طوله إلى اثني عشر متراً وبعرض ثلاثة أمتار، مؤكداً أن “سرعته تفوق من ثمانية إلى تسعة أضعاف سرعة الصوت”. كما أنه سهل الحركة، ويتقبل الأوامر من الأقمار الاصطناعية، وفق الدبوبي.
ويشير الدبوبي إلى أن ما يميز (ثاد) عدم احتوائه على أية متفجرات بل يعتمد على “قوة الصدمة”، مضيفاً أن “ما يُقصد ببطارية الدفاع الجوي، أنها شريط صواريخ، يتألف من تسعة قواذف”. و”من المقرر أن تتسلم إسرائيل، بطارية واحدة، ستوزّع من الشمال إلى الجنوب، بمعدل ثلاث قواذف في كل منطقة: شمالية، ووسطى، وجنوبية”.
المحلل العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ساشا بروخمان، يقول إنه “من المحتمل أن يكون (ثاد) هو النظام الأكثر دقة في العالم”، لافتاً إلى أن الرادار الذي يوجه الصاروخ متقدم للغاية، ويمكنه التمييز بين الحطام والتهديد الفعلي، كما يستهدف النظام الصواريخ عندما تدخل الغلاف الجوي مرة أخرى على ارتفاعات عالية، وربما تكون القدرات الحقيقية “سرية”. ومع ذلك، فإن مدى (ثاد) يقدر بـ (150 كم-200 كم) ويمكنه اعتراض أهداف خارج الغلاف الجوي، وفق بروخمان.
يقول الدبوبي إن صواريخ (ثاد) “ستكون سلاح ردع لإيران فقط، فهي ليست كنظام القبة الحديدية وليس كمقلاع داوود، لأنها لا تُستخدم إلا للمسافات المتوسطة أي ما يقارب 2000 كم أوالبعيدة أي ما يصل إلى 10.000 كم.
وهو ما أكده أيضاً بروخمان، إذ وضح أن “القبة الحديدية تعترض الصواريخ الصغيرة والطائرات بدون طيار والقذائف، مضيفاً أن نظام (ثاد) صُمّم لإسقاط تلك الصواريخ الباليستية التي استخدمتها إيران في هجومها الأخير على إسرائيل”.
ويشير بروخمان أن (ثاد) يستخدم راداراً متقدماً وهو موجود في إسرائيل منذ عام 2019. لافتاً إلى أنه يمكن لهذه الأنظمة مشاركة المعلومات وهو أمر مهم إذا حاولت إسقاط الصواريخ بسرعة عدة آلاف كم/ ساعة. “كلما زاد عدد هذه الرادارات المرتبطة ببعضها البعض في نظام إدارة المعركة، كانت الصورة أفضل وبالتالي ارتفع معدل الاعتراض”.
“عامل ردع لإيران”
ويؤكد الدبوبي “لم نشهد لها أي عمليات إسقاط حتى نستطيع الحكم عليها مسبقاً”، مشيرا إلى أن “نظام (ثاد) الصاروخي لم يُجرب بميادين المعارك، لكن ثقة الأمريكيين بها على أنه سيكون هو السلاح الدفاعي الأول عن إسرائيل بالإضافة إلى أنه بمجرد تواجد هذا النظام لدى إسرائيل يعد أرض القوة. كما أنه يعد عامل ردع لإيران”. ويقول إن “إيران ستحسب حساباً أكثر من مرة قبل أن تطلق أي صواريخ باليستية اتجاه إسرائيل”.
ويشير بروخمان أن “إيران تأمل في استنزاف الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية، خاصة تلك التي من طراز آرو 2 وآرو 3 المصممة لاعتراض الصواريخ الباليستية متوسطة المدى”.
ويؤكد أن “هناك دلائل على أن الإسرائيليين لم يعترضوا أكبر عدد ممكن من الصواريخ الإيرانية خوفاً من نفاد الهجمات المستقبلية”، لافتاً إلى أن”الولايات المتحدة خففت الخوف من خلال زيادة عدد الصواريخ الاعتراضية للصواريخ الإيرانية الأكثر تقدماً”.
ويضيف بروخمان “لا نعرف عدد الصواريخ المتطورة التي تمتلكها إيران، لكن مع إدخال نظام (ثاد) سيتعين عليها إطلاق المزيد في هجوم آخر إذا أرادت تحقيق أي شيء، ويتعين على طهران حساب عدد الصواريخ المتبقية”.
يوضح بروخمان أن نظام (ثاد) مكلف للغاية، ويتطلب طاقماً مدرباً تدريباً عالياً، لافتاً إلى أن النظام نادر، إذ تمتلك الولايات المتحدة سبع بطاريات فقط. وبالتالي فإن إرسال واحدة هو “التزام كبير”. مشيراً إلى أنه من المفترض أن هناك إمدادات “محدودة” من القذائف الاعتراضية على الصعيد العالمي. كونها باهظة الثمن ولا يمكن إنتاجها بالسرعة التي قد تكون هناك حاجة إليها.
“تأخر إسرائيل في الرد هو رد بحد ذاته”
لم تعلن إسرائيل عن كيفية ردها على الهجوم الإيراني، الذي قالت إيران إنه “جاء رداً على اغتيال كل من زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله في بيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران”.
يؤكد الدبوبي أن “تأخر إسرائيل في الرد هو رد بحد ذاته، ما جعل إيران في حالة ترقب ضد الضربة الإسرائيلية منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول”. فوفق تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن الرد سيكون “قاتلاً ودقيقاً وقبل كل شيء مفاجئاً”.
بدوره أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الاتصالات غير المباشرة توقفت مع الولايات المتحدة بسبب الوضع في المنطقة، هذا وكان قد حذر عراقجي من أن واشنطن تُعرّض حياة قواتها “للخطر من خلال نشرها لتشغيل أنظمة الصواريخ الأمريكية في إسرائيل”.
ولفت الدبوبي إلى “أن الضربة الإسرائيلية إن لم تكن موجعة جداً فيعتقد أن إيران لن ترد”. مشيرا في حديثه لبي بي سي “أنه لا يتوقع أن تكون ضربة إسرائيل قوية نظراً للتحذير الأمريكي بعدم قصف أي مفاعل نووي أو مواد نفطية”. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد عارض أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وكذلك على بنيتها التحتية النفطية أو الطاقة، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى إشعال صراع متصاعد ويؤثر بدوره على الاقتصاد العالمي.