اقتصاد
ماذا نعرف عن مقلاع داوود “العصا السحرية” لإسرائيل؟
- Author, أميمة الشاذلي
- Role, بي بي سي عربي – القاهرة
-
قبل 28 دقيقة
أفادت تقارير بأن الصاروخ الذي أطلقه حزب الله باتجاه مقر الموساد بتل أبيب الأربعاء الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول، كان من طراز قادر-1 إيراني الصنع، وهو صاروخ باليستي متوسط المدى، يمكنه حمل رأس حربي يتراوح وزنه بين 700 إلى 1000 كجم.
هذا الصاروخ يكفي لتدمير كلي أو شبه كلي لمبنى كبير الحجم، لكن إسرائيل تمكنت من التصدي لهذا الصاروخ بفضل نظام الدفاع الجوي “مقلاع داوود”، بحسب ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد منسر.
مرحلة دفاعية أعلى
صُمم “مقلاع داوود” بالأساس كبديل يحل محل نظام الدفاع الصاروخي “باتريوت” لدى الجيش الإسرائيلي.
ويقول الكولونيل عباس دهوك المستشار العسكري السابق لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، لبي بي سي إن نظام الدفاع “مقلاع داوود” يتميز بمدى اشتباكه “الأطول” بنحو 100 كيلومتر مقارنة بنظام “باتريوت”.
ويتألف نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي من ثلاثة مستويات، كل منها مصمم للتعامل مع التهديدات من مسافات مختلفة.
ويشكل “مقلاع داوود” “المستوى المتوسط” من مستويات أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتعددة، فهو المرحلة الدفاعية الأعلى في أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، بعد نظام “القبة الحديدية”، وبدأ استخدامه فعلياً عام 2017.
وقد سُمي “مقلاع داوود” بهذا الاسم، تيمناً بالقصة التوراتية التي ذكرت أن الراعي “داوود” استخدم المقلاع لقتل “جالوت” العملاق بالحجارة.
وقد صُمم “مقلاع داوود” لاعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة، وكذلك الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، في حين تكمن قدرة “القبة الحديدية” الدفاعية على إيقاف الصواريخ قصيرة المدى ونيران المدفعية.
وجرى تطوير “مقلاع داوود” بواسطة شركة رافائيل الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة، وكذلك شركة “رايثيون”، وهي شركة أمريكية كبرى للصناعات العسكرية.
ويعرف مقلاع داوود أيضاً باسم “العصا السحرية” وهو نظام مصمم لمواجهة الصواريخ والقذائف التي تُطلق على مدى يتراوح بين 25 إلى 186 ميلاً (40 إلى 300 كيلومتر).
ويتألف “مقلاع داوود” من وحدة إطلاق الصواريخ، ورادار للتحكم من طراز ELM-2084، ومحطة تشغيل، وصاروخ اعتراضي من طراز “ستانر”.
بالنسبة لوحدة الإطلاق فهي عبارة عن نظام إطلاق عمودي مثبت على مقطورة. ويمكن لكل وحدة أن تحمل ما يصل إلى 12 صاروخاً. وتُصنع جميع وحدات الإطلاق، وكذلك أجزاء من صاروخ “ستانر” الاعتراضي في الولايات المتحدة.
صاروخ “ستانر”
بحسب موقع “ميسل ثريت” التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، المعني بالمعلومات حول الصواريخ الباليستية والمجنحة في العالم، فإن طول الصاروخ الاعتراضي “ستانر” يبلغ 4.6 متر، ويتكون من مرحلتين، وهو قادر على اعتراض الأهداف على ارتفاعات تصل إلى 15 كيلومتراً، ويتراوح مداه بين 40 و300 كيلومتر.
وتتميز مقدمة الصاروخ “أنف الصاروخ” بأنها على شكل دولفين، تحمل جهازي استشعار للتوجيه: مستشعر مشترك كهروضوئي للتصوير بالأشعة تحت الحمراء، وباحث راداري يعمل بجميع الأحوال الجوية.
ويسمح هذا النظام المزدوج لأي من الجهازين بالتوجه نحو هدفه، فيما يزيد استخدام كليهما بشكل كبير من التصدي لأي تشويش أو فخ، لزيادة القدرة على الفتك بالهدف.
ويستخدم صاروخ “ستانر” محركاً يعمل بالوقود الصلب، ويصل إلى سرعة 7.5 ماخ على ثلاث دَفعات أو مراحل؛ حيث تعمل الدَفعتان الأولى والثانية على زيادة سرعة الصاروخ خلال مساره الأوليّ، أما الدفعة الثالثة فتساعد الصاروخ على المناورة وزيادة سرعته قبل اعتراض الهدف.
وتقدر تكلفة إنتاج كل صاروخ “ستانر” بنحو مليون دولار. وعلى النقيض من الصاروخ الاعتراضي للقبة الحديدية، لا يحتوي صاروخ “ستانر” على رأس حربي، بل يقضي على الأهداف بضربها مباشرة.
ويعلق مستشار الخارجية الأمريكية السابق، عباس دهوك، لبي بي سي بأن مقلاع داود “أكثر فعالية من حيث التكلفة، فيقال إن صاروخ ستانر أرخص بكثير من الصاروخ المستخدم في نظام “باتريوت” الأقدم”.
رادار الـ 1000 هدف
يستخدم “مقلاع داوود” الرادار الإسرائيلي ELM-2084 متعدد المهام، وهو قادر على اكتشاف وتعقب الطائرات والأهداف الباليستية، وتوفير وسيلة للتحكم في إطلاق الصواريخ للاعتراض الصاروخي أو الدفاع الجوي المدفعي.
ويمكن أن يعمل هذا الرادار في مهمة مراقبة جوية أو مهمة التحكم في إطلاق النيران. وفي وضع المراقبة، يمكنه تتبع ما يصل إلى 1100 هدف على مدى 474 كم، ويمكنه المسح الإلكتروني بزاوية 120 درجة وارتفاع 50 درجة.
وفي وضع التحكم في إطلاق النيران، يمكنه تتبع ما يصل إلى 200 هدف في الدقيقة على مدى 100 كيلومتر. ويستخدم هذا الوضع لتوجيه صواريخ “ستانر” الاعتراضية كي تتمكن أجهزة الرصد الموجودة على متنها من اكتشاف الهدف.
تطوير “مقلاع داوود”
بدأت إسرائيل في تطوير مقلاع داود عام 2006، قبل أن توقع اتفاقية في أغسطس/آب 2008 مع الولايات المتحدة للمشاركة في تطوير النظام.
ومن السنة المالية 2006 وحتى 2020، ساهمت الولايات المتحدة بمساعدات تقدر بنحو ملياري دولار لدعم تطوير “مقلاع داوود”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول لعام 2009، منحت شركة رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة، المسؤول الرئيس عن “مقلاع داوود”، أكثر من 100 مليون دولار لشركة رايثيون للصواريخ والدفاع الأمريكية لتطوير صاروخ اعتراضي بقدرات مذهلة ووحدة إطلاقه العمودية.
وعرضت رافائيل النظام لأول مرة علناً في معرض باريس الجوي عام 2013، وصُنعت 50 في المئة من مكونات “مقلاع داوود” في الولايات المتحدة، بحسب موقع “ميسل ثريت”.
وفي عام 2012، بدأت منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية ووكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية في اختبار تطوير نظام “مقلاع داوود”.
وأجريت أول تجربة ناجحة للنظام في صحراء النقب عام 2012، واستمرت التجارب حتى عام 2015، ضد “أهداف متعددة تمثل تهديدًا في اشتباكات واقعية في الوقت الفعلي”، بحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية التي رفضت توضيح الأهداف التي استُخدمت في تلك الاختبارات.
وبحسب تقرير في عام 2015 لموقع “ديفينس نيوز” المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن “مقلاع داوود” صمم لمواجهة الصواريخ السورية عيار 302 ملم وصواريخ فاتح 110 الإيرانية ذات الرؤوس الحربية التي يبلغ وزنها نصف طن، والتي يقال إنها بحوزة حزب الله في لبنان.
تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع Twitter. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع Twitter وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر “موافقة وإكمال”
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية
نهاية Twitter مشاركة
متى استخدمته إسرائيل؟
في يوليو/تموز 2018، قالت صحف إسرائيلية إن “مقلاع داوود” استُخدم لأول مرة في التصدي لصواريخ باليستية قصيرة المدى أطلقت من جنوب سوريا باتجاه مرتفعات الجولان.
وذكر موقع “ديفينس نيوز” العسكري أن إسرائيل أطلقت صاروخين اعتراضيين للتصدي لصاروخين باليستيين من طراز SS-21 أطلقتهما قوات الحكومة السورية أثناء القتال ضد معارضين بالقرب من مرتفعات الجولان. وسقطت الصواريخ السورية داخل الأراضي السورية. ودُمر أحد الصاروخين الاعتراضيين ذاتياً فوق مرتفعات الجولان.
وقد التقطت القوات في سوريا صاروخاً سليماً لمنظومة “مقلاع داوود” وأرسلته إلى روسيا لفحصه، ما أثار تساؤلات حول مدى فاعلية النظام حال نشره في أوروبا، بعد أن أصبحت لدى روسيا القدرة على تطوير الإجراءات المضادة باستخدام المعلومات المكتسبة من النظام الإسرائيلي.
وفي حرب غزة، كشفت إسرائيل عن استخدام “مقلاع داوود” لأول مرة في مايو/أيار عام 2023، في التصدي لصواريخ أطلقت من القطاع الفلسطيني، بعد فشل منظومة القبة الحديدية في تلك المرة.
ومع تصاعد الأحداث بين إسرائيل وحزب الله هذا العام، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد منسر، إن حزب الله استخدم صاروخًا باليستيًا لاستهداف تل أبيب، لكن قوات الدفاع الإسرائيلية دمرته.
وقال في تصريح الأربعاء الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول: “هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يطلق فيها إرهابيو حزب الله النار على مدينة تل أبيب، ونشكر الرب أن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “مقلاع داوود” اعترض الصاروخ بنجاح، وتم تدمير منصة إطلاق الصواريخ في جنوب لبنان”.
ويقول الكولونيل عباس دهوك إن نظام الدفاع الصاروخي متعدد المستويات في إسرائيل، بما في ذلك “مقلاع داوود”، أثبت فاعليته ضد ترسانة حزب الله الصاروخية، “ونجح في اعتراض العديد من الصواريخ والطائرات المُسيرة والقذائف من اتجاهات ومواقع مختلفة”.
وأضاف لبي بي سي أن ذلك “أثر بشكل كبير على توازن القوى في تبادل إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل. كما لعب دوراً حيوياً لا في ردع حزب الله وحده عن شن الهجمات، بل وكذلك إيران”.
ويتفق معه العميد موسى القلاب، الخبير العسكري الأردني والباحث الاستراتيجي في مركز الشرق الأوسط، في وجود “تأثير نسبي” لنظام مقلاع داوود على توازن القوى مع حزب الله بالمقارنة بالحرب التي خاضها الطرفان في عام ٢٠٠٦، والتي لم تشهد وجود “مقلاع داوود”.
ويضيف القلاب لبي بي سي أن هذا التأثير يرجع إلى “تكامل هذا النظام مع أنظمة الدفاعات الجوية الإسرائيلية الأخرى مثل نظام القبة الحديدية ونظام حيتس وغيرها من الأنظمة الشاملة متعددة الطبقات”.
ويرى أن بعض صواريخ حزب الله قد تنجح في تخطي وإلحاق الضرر ببعض مواقع نظام مقلاع داوود لكن “بشكل محدود جداً”، نظراً للغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة ضد مواقع حزب الله.
ومع ذلك، قد يواجه “مقلاع داوود” صعوبة في التعامل مع الصواريخ الأسرع من الصوت مثل صواريخ “زيركون” الانزلاقية فرط الصوتية الروسية، وذلك بسبب سرعتها وقدرتها على المناورة، بحسب دهوك، الذي قال لبي بي سي إنه لا يستطيع أن يجزم بأن حزب الله يمتلك مثل هذه القدرات.
واستبعد القلاب أن يمتلك حزب الله سلاحاً مشابهاً لصواريخ زيركون الروسية، “إلا إذا كانت إيران قد زودت حزب الله بعدد محدود جدا منها”، الأمر الذي لا يعتقده “حيث أن القرار يبقى بيد القيادة السياسية العليا الإيرانية”، بحسبه.
“نقاط ضعف”
على الرغم من المواصفات التي يتمتع بها “مقلاع داوود”، إلا أن العميد موسى القلاب، يرى أن النظام الإسرائيلي به “نقاط ضعف”، من بينها صعوبة حركته من موقع لآخر، ما يجعل استهدافه وتدميره ممكناً للطرف المقابل.
وأضاف القلاب لبي بي سي أن من بين عيوبه تكلفة الصاروخ العالية التي تصل إلى مليون دولار للصاروخ الواحد، كما أنه “غير قادر على التعامل مع رشقات كثيفة من الصواريخ الهجومية المعادية”.
ولا يرجح الخبير العسكري أن تكون إسرائيل قادرة على استخدام نظام مقلاع داوود بمرونة عالية وبنفس كثافة نظام القبة الحديدية، لأسباب تقنية وتكتيكية تتعلق بعدم قدرته على المناورة وكشف واعتراض الصواريخ المعادية.
تصدير “مقلاع داوود” لدول الناتو
في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، وقعت وزارة الدفاع الإسرائيلية أول اتفاقية لتصدير “مقلاع داوود” إلى فنلندا، عقب انضمامها إلى حلف الناتو، في صفقة تقدر قيمتها بنحو 317 مليون يورو (355 مليون دولار).
وقالت وزارة الدفاع في بيان لها عقب الصفقة: “إن مقلاع داوود هو أحد أكثر الأنظمة تقدماً في العالم لاعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة والطائرات والمُسيرات”.
وأضافت الوزارة أن مقلاع داوود “أظهر قدرات عالية الأداء في الحرب، في مجموعة متنوعة من السيناريوهات الصعبة”.
وتوقع تقرير لموقع المجلة العسكرية “ميليتاري ووتش ماغازين” أن يكون”مقلاع داوود” مكملاً فعالاً لمقاتلات الجيل الخامس من طراز F-35 التي اشترتها فنلندا من الولايات المتحدة، ما يوفر الحماية اللازمة للقواعد الجوية على الأراضي الفنلندية.
وأعرب بيني يونغمان، نائب الرئيس التنفيذي والمدير العام لقسم أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي بشركة رافائيل للصناعات العسكرية الإسرائيلية، عن تفاؤله بإمكان تصدير النظام إلى باقي دول أوروبا بعد الصفقة مع فنلندا.