اقتصاد

جراح عمل “كالروبوت” لإنقاذ أكبر عدد ممكن من ضحايا تفجيرات لبنان

إلياس جرادة

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، عمل إلياس جرادة وغيره من الجراحين على مدار الساعة دون توقف لإنقاذ المصابين

  • Author, أورلا غورين
  • Role, بي بي سي نيوز
  • قبل 2 ساعة

وصف جراح لبناني كيف أجبره الكم الهائل من الجروح الخطيرة – التي خلفتها “هجمات البيجر” التي استخدمت في تفجير أجهزة اتصال لاسلكي وأجهزة بيجر على مدار يومين، على العمل مثل الرجل الآلي (الروبوت) حتى يتمكن من الاستمرار في أداء واجبه.

وقال الجراح إلياس جرادة إنه عالج النساء والأطفال لكن معظم المرضى الذين رآهم كانوا من الشباب. وأشار إلى أن نسبة كبيرة منهم أصيبوا “بجروح خطيرة” وأن الكثيرين فقدوا البصر تماماً.

ومن بين القتلى والجرحى في لبنان مقاتلون من حزب الله، وهي الجماعة المدعومة من إيران التي يتبادل عناصرها إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي عبر الحدود منذ أشهر وتصنفها المملكة المتحدة والولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية.

لكن أفراداً من أسرهم قُتلوا وجُرحوا أيضاً، إلى جانب المارة الأبرياء. ووصف إلياس جرادة الجرحى الذين عالجهم بأن “معظمهم مدنيون”.

ويحمل كثيرون مسؤولية هذه الهجمات بالقنابل – التي أسفرت عن مقتل 37 شخصاً، بينهم طفلان – لإسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها عنها.

وكان جرادة، وهو أيضاً عضو في البرلمان عن كتلة التغيير النيابية، يعمل في مستشفى متخصص للعيون والأذن حيث تم إرسال بعض المصابين بجروح خطيرة. وقال إن الأمر أثر سلباً على الفرق الطبية وعليه هو شخصياً.

ويضيف الجراح اللبناني: “نعم، الأمر صعب للغاية، عليك أن تتجرد من ذاتك وأن تتحول إلى روبوت إلى حد ما. هذه هي الطريقة التي يجب أن تتصرف بها، ولكن في الداخل، أنت مجروح بشدة بينما ترى الأمة مجروحة”.

وبيّن وزير الصحة في البلاد فراس أبيض لبي بي سي، أن الجراحين مثل جرادة يعملون دون توقف على مدار الساعة في علاج الجرحى الذين فقد الكثير منهم بصرهم أو أصيبوا بإعاقة في اليد.

وقال إلياس وراق، أخصائي العيون، لبي بي سي إنه في ليلة واحدة فقط استأصل عدداً من العيون المتضررة أكثر من العدد الذي استأصله طوال فترة عمله في هذه المهنة.

وأضاف: “كان الأمر صعباً للغاية. فمعظم المصابين كانوا شباباً في العشرينيات، وفي بعض الحالات اضطررت إلى إزالة كلتا العينين. في حياتي كلها لم أر مشاهد مشابهة لما رأيته في تلك الليلة”.

وأشار وزير الصحة لبي بي سي إلى أن إصابات الضحايا “ستغير حياتهم”. وأضاف: “سيتطلب ذلك للأسف الكثير من إعادة التأهيل”.

وأصيب حوالي 3200 شخصاً، أغلبهم في هجوم الثلاثاء الماضي الذي شهد تفجير آلاف أجهزة البيجر.

وأدى هجوم الأربعاء الماضي – الذي تضمن تفجير أجهزة لاسلكية – إلى إصابة حوالي 450 شخصاً وقتل 25 شخصاً، وهو ضعف عدد القتلى جراء تفجيرات الثلاثاء الماضي.

وقال أبيض لبي بي سي إن الهجمات تُعد جريمة حرب. وأضاف: “يمكن للعالم كله أن يرى أن هذه الهجمات وقعت في الأسواق”.

وتابع: “لم يكن هؤلاء (المصابون) في ساحة المعركة يقاتلون. لقد كانوا في مناطق مدنية مع أسرهم”.

وأكد شهود عيان أنهم رأوا مصابين بجروح خطيرة في وجوههم وأيديهم بعد الهجمات.

وقالت الصحفية سالي أبو الجود إنها شاهدت مصابين “مضرجين بالدماء” في المستشفيات، إذ كانت سيارات الإسعاف تصل “الواحدة تلو الأخرى خلال دقيقة”. وكانت معظم الإصابات التي رأتها “في الوجه والعينين”.

وأضافت: “نحن نتحدث عن إصابات بجروح خطيرة في الأيدي والأصابع أدت إلى تمزقها، وسمعت بعض الأطباء يقولون إننا بحاجة إلى إجراء عمليات بتر للأيدي… كما أنهم بحاجة إلى إجراء عمليات جراحية لاستئصال للعيون”.

واعتبرت شاهدة عيان في حديثها لبي بي سي، الخميس الماضي أن ما شاهدته كان “مذبحة بمعنى الكلمة”.

وأضافت: “كان الشباب يسيرون في الشارع مصابين في منطقة الخصر وفي أيديهم وأعينهم… ولم يتمكنوا من رؤية أي شيء”.

وفي أعقاب تفجيرات الثلاثاء الماضي، قالت الكاتبة والسياسة تريسي شمعون إنها شاهدت رجلاً عينه ممزقة وآخر “نصف وجهه ممزق” بينما كانت تقود سيارتها في جنوب بيروت -معقل حزب الله- خلال فترة التفجيرات.

تجمع المشيعون في جنازة أعضاء حزب الله بعد تفجير أجهزة الراديو المحمولة وأجهزة النداء التي تستخدمها جماعة حزب الله المسلحة في جميع أنحاء لبنان

صدر الصورة، Reuters

ويرى الكثير من اللبنانيين في بيروت أن هذه الهجمات بالعبوات الناسفة أعادت لذاكرة البلاد صدمة انفجار مرفأ بيروت قبل أربع سنوات.

وقُتل ما لا يقل عن 200 شخصاً وجُرح 5000 آخرين عندما انفجرت آلاف الأطنان من نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير آمن في مستودع ميناء بيروت، مما أدى لتصاعد سحابة في الهواء موجة انفجارية أسرع من الصوت دمرت جزءاً كبيراً من المدينة.

وقالت إحدى سكان العاصمة اللبنانية لبي بي سي: “تذكرنا مثل هذه المشاهد المؤلمة… إنه أمر مرعب حقاً. حالة من الارتباك والانزعاج والقلق تسيطر على كل لبنان.. ما حدث لنا قبل أربع سنوات يتكرر الآن”.

في أعقاب انفجار أجهزة البيجر، قام الجيش اللبناني بتدمير الأجهزة المشتبه بها في عمليات تفجير مدارة في حين تم اتخذت قرارات بحظر استخدام أجهزة الاتصال اللاسلكي والبيجر على متن جميع الرحلات الجوية في مطار رفيق الحريري في بيروت – المطار التجاري الوحيد العامل في لبنان.

وهناك أكثر من 90 مصاباً في إيران لتلقي المزيد من العلاج، بحسب سفارة طهران في لبنان.

ومن بين هؤلاء السفير الإيراني مجتبى أماني الذي وصف بيان السفارة حالته الصحية بأنها “جيدة جداً”.

ولم يوضح المسؤولون مدى خطورة الإصابات التي تعرض لها المصابون الذين نقلوا إلى طهران لتلقي العلاج.

وقال أبيض إن “تسليح التكنولوجيا” أمر خطير للغاية، ليس فقط على لبنان، ولكن أيضاً على العالم أجمع والصراعات الأخرى، وأضاف “علينا الآن أن نفكر مرتين قبل استخدام التكنولوجيا”.

الجيش اللبناني

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، جمع الجيش أجهزة الاتصال المشتبه في كونها مخخة وفجرها بطريقة مدارة

ووصف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الخميس الماضي تلك الهجمات بالقنابل بأنها “مذبحة” و”إعلان حرب” في الوقت الذي نفذت فيه إسرائيل غارات جوية على جنوب لبنان وحلقت طائراتها فوق العاصمة على ارتفاع منخفض مما أحدث ضجيجاً يصم الآذان.

ويتمتع التنظيم الشيعي بحضور سياسي كبير ويسيطر على أقوى قوة مسلحة في لبنان.

وهناك اشتباكات بين مقاتلي حزب الله إطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي عبر الحدود منذ أن بدأت إسرائيل ردها على حماس في قطاع غزة بعد أن هاجمت حركة المقاومة الفلسطينية جنوب إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ويقول حزب الله إن ما يفعله يأتي تضامناً مع الفلسطينيين.

وقالت إسرائيل إنها تحول تركيزها العسكري إلى حدودها مع لبنان بهدف إعادة عشرات الآلاف من السكان النازحين إلى منازلهم شمال إسرائيل. وكان حزب الله قد أعلن في وقت سابق إنه سيوقف إطلاق النار إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

ويشعر كل من جرادة ووزير الصحة أبيض بالتشاؤم بشأن فرص السلام في أي وقت قريب. ووصف جرادة التصعيد في لبنان بأنه “أثر ارتدادي”.

وقال وزير الصحة: “أعتقد أنه مهما حدث، لا يهم كيف سينتهي العالم، ولكن إذا لم نتوصل إلى سلام وعملية سلام دائمة تحمي الجميع وتعيد الحق للجميع، فنحن بالتأكيد نستعد لحرب أخرى”.

وأضاف أن لبنان يحتاج إلى الاستعداد “للسيناريو الأسوأ”.

وأضاف أن “الهجومين اللذين وقعا في اليوم الأخير يظهران أن (إسرائيل) ليس لديها نية للاتجاه إلى الحل الدبلوماسي”.

وتابع: “ما أعرفه هو أن موقف حكومتي واضح منذ اليوم الأول. ونحن على قناعة بأن لبنان لا يريد الحرب”.

الوسوم

خالد ميمون

مدون جزائري. مستشار تقني في الاتصالات , مهتم بالتقنية المجتمع و الدين, يدون بشكل غير منتظم في مدونة البريد اليومي , ذو خبرة في مجالات : الاتصالات , الشبكات , الخوادم ,تصميم مواقع الانترنت الديناميكية و الحلول المخصصة, أنظمة لينيكس و البرامج مفتوحة المصدر.

مقالات ذات صلة

أترك تعليقا

إغلاق