اقتصاد
ماركة الملابس الصينية الغامضة التي يرتديها جيل الشباب الحالي
- لورا جونز
- مراسلة شؤون الأعمال التجارية – بي بي سي نيوز
قبل 2 ساعة
إنه مشهد يكاد يكون مألوفاً لدى الكثيرين، يتكرر ظهوره على تطبيقات مثل تيك توك وانستغرام ويوتيوب، وهو عرض مراهقة لـ “طلبية” ملابس اشترتها من موقع شركة شي-إن على سريرها، وتجرب قطعة تلو الأخرى بغرض الحصول على أكبر عدد ممكن من الإعجابات والمتابعين لصفحتها.
زادت شعبية شركة الأزياء الصينية خلال الوباء وخاصة في فترة الإغلاق العام.
ولكن إذا كنت ممن يتجاوز عمره الثلاثين عاماً، فربما لم تسمع بها، لأنها تستهدف المتسوقين المهتمين بالموضة والسعر الرخيص على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تضيف هذه الشركة العملاقة على موقعها ستة آلاف صنف جديد يومياً.
لكنها تعرضت أيضاً لانتقادات بسبب تأثيرها الضار على البيئة والافتقار إلى الشفافية والمزاعم بأنها تقلد العلامات التجارية الصغيرة، الأمر الذي تنفيه الشركة، قائلة إنها تأخذ هذه الأمور على محمل الجد.
إذاً، ما هو سر نجاح هذه الشركة على منافساتها مثل ماركتي أسوس وبوهو التجاريتين؟
أولاً: رخيص جداً
اجتمع مؤسسو الشركة غير المعروفين في عام 2008 وترأسهم رجل الأعمال كريس شو، الذي بدأ العمل في بيع فساتين الزفاف عبر الإنترنت في بداية حياته.
اتفقوا على إسم مختصر للشركة وهو شي-إن.
وعلى الرغم من أن مقر الشركة موجود في الصين، إلا أنها تستهدف الزبائن في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا وأستراليا بشكل أساسي بمنتجاتها مثل قمصان بلا أكمام، وملابس السباحة والفساتين، ويبلغ متوسط سعر القطعة الواحدة حوالي 10.70 دولار فقط.
وتعد الشركة اليوم واحدة من أكبر اللاعبين في عالم الملابس الجاهزة حيث تشحن منتجاتها إلى 220 دولة.
يقول ريتشارد ليم، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات المستقلة “ريتيل إيكونوميكس”: إن جائحة كوفيد ساهمت في زيادة مبيعات الشركة، فعمليات الإغلاق تعني أن العديد من المستهلكين أمضوا وقتاً أطول في التصفح عبر الإنترنت وكانت الشركة مشغولة بالتعريف بعلامتها التجارية عبر المنصات الرقمية”.
ويضيف: “ساعد هذا تجار التجزئة على الإنترنت في زيادة عرض المنتجات ووصولها إلى جمهور أوسع وبسرعة أكبر”.
يقدر مزود البيانات (سي بي إنسايت) أن مبيعات الشركة تجاوزت 63.5 مليار يوان، أي ما يعادل 10 مليارات دولار خلال عام 2020، رغم أن الشركة لا تكشف عن أرقامها المالية.
ثانياً: خيارات هائلة
لدى شي-إن، ما يقرب من 600 ألف منتج على منصاتها عبر الإنترنت طوال الوقت.
وهي تعتمد على آلاف الموردين، بالإضافة إلى تعاقدها مع حوالي 200 مصنع، بالقرب من مقرها الرئيسي في قوانغتشو.
في ما وصفه المؤلف وخبير التكنولوجيا الصيني ماثيو برينان بـ “البيع بالتجزئة في الوقت الفعلي” يتم تزويد الشركات الصغيرة على طول سلسلة التوريد الخاصة بها بالمعلوماتالتي توفرها أدواتها الداخلية حول الموضة الرائجة أو مدى رواج ونجاح بعض المنتجات.
وبناءً على هذه البيانات، ينتجون ما يتراوح ما بين 50 إلى 100 قطعة لكل موديل.
إذا تم بيع تلك القطع بشكل جيد تطلب شي- إن، إنتاج المزيد وفي حال لم تباع، يوقف إنتاجها.
يمكن لشي-إن تغير مصير أي مويل جديد رأسا على عقب في غضون 25 يوماً تقريباً، الأمر الذي يستغرق شهوراً لدى منافساتها.
لقد قامت بتسريع دورة “الاختبار والتكرار” التي اشتهرت به شركات مثل “إتش إم” و”زارا”.
وعلى حد علم بي بي سي، يظل فقط 6 في المئة من بضاعتها في المستودعات لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.
تقوم الشركة بشحن الطلبات إلىزبائنها مباشرة، ومعظمها من مستودع مساحته 16 مليون قدم مربع في ضواحي مدينة قوانغتشو.
لكن عمليات حزم وتغليف الطلبية وشحنها غالباً ما تستغرق أسبوعاً على الأقل لتصل إلى أسواق مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، على عكس المنافسين الذين يقدمون خدمة التوصيل في اليوم التالي من عملية الشراء.
ثالثاً: 250 مليون متابع على منصات التواصل الاجتماعي
باستخدام جيش من المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي من طلاب وصناع المحتوى ونجوم الفن أمثال جورجيا توفولو، وكاتي بيري، حصلت شي-إن، على أكثر من 250 مليون متابع لها عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها.
كان تواجد الشركة عبر الإنترنت عاملاً كبيراً في نجاحها، “لأنه يعزز الوعي بالعلامة التجارية وانتشارها” كما تقول إميلي سالتر، محللة البيع بالتجزئة في غلوبال داتا.
كما أن استهداف الإعلانات ورعاية المؤثرين على انستغرام وتيك توك، ساعدها في الحفاظ على أهميتها بين المتسوقين الأصغر سناً.
وقد تعززت هذه الجهود من خلال حقيقة أنها غالباً ما تستضيف عروضاً حيّة على منصاتها للترويج لمنتجاتها.
تقول سالتر: “هذا أمر تتميز به شي-إن، حيث يتم استخدام البث الحي بشكل أقل من العلامات التجارية الغربية ولكن لديها إمكانات هائلة لزيادة المبيعات في الصين كما اثبتت التجربة”.
ولكن، أثار استخدامها لبيانات العملاء مخاوف في المملكة المتحدة.
تم وصف موقع شي-إن مؤخراً بأنه “غير شفاف” من قبل وكالة تصميم الويب (روغ ميديا)، التي حددت ثمانية جوانب سلبية للموقع على الإنترنت منها تشجع المتسوقين على إنفاق المزيد من المال أو التخلي عن بيانات شخصية مقابل الحصول على خصومات أو نقاط مكافآت.
في إحدى الدراسات، قامت بتحليل 30 من أكبر بائعي التجزئة للأزياء السريعة في المملكة المتحدة وسجلت مواقعهم على الويب وفقاً لعدد هذه المطالبات التي شاهدها العملاء قبل الشراء.
قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني توم توجندهات: “ملايين الأشخاص يوقعون على بياناتهم الشخصية مقابل الحصول على ملابس بسعر أرخص”.
وأضاف: “عندما يكون السعر جيداً جداً، عليك أن تسأل نفسك من الذي يدفعهم إلى ذلك بالفعل وكيف”.
خلال أول إغلاق بسبب فيروس كورونا، اعتقدت هيذر ماكوري البالغة من العمر 27 عاماً أنها ستطلب بعض السراويل الرياضية الضيقة الجديدة لأداء تمارينها في المنزل وعرضها على يوتيوب.
ولفتت إعلانات شي-إن على فيسبوك انتباهها لأنها شركة أزياء سريعة، “يمكنك الاستمرار في العمل كل يوم وهناك ملابس جديدة تُضاف بسعر معقول”.
وفي النهاية، قامت بشراء الأدوات المنزلية واحتياجات أخرى، وحتى جعلت والدتها تتسوق من الموقع الإلكتروني أيضاً. لكنها تقول إنها لا تخلو من العيوب أيضاً.
تشير هيذر إلى أن بعض الملابس المخفضة كانت أقل جودة.
ورغم أنها تعترف بأنها شاهدت تعليقات على منصات الانترنت تتساءل عن التأثير البيئي للأزياء ومقدار رواتب عمال شي-إن، إلا أنها تقول إنها ستشتري من الشركة مرة أخرى في المستقبل.
“أشك في أن يحدث أي إجراء قد أتخذه أي فارق كبير”.
رابعاً: وظفت الشركة 200 مصمماً للأزياء
بناء مجموعة هائلة من المنتجات والنماذج بسرعة قد يوقعها في بعض المشاكل ايضاً. فقد تعرضت لانتقادات لبيعها أشياء مثل سجادة صلاة إسلامية توصف بأنها “سجادة يونانية”، وأجبرت على سحبها.
كما تم اتهامها بانها تنتهك حقوق الملكية وتواجه دعاوى قضائية من أمثال صانع أحذية دكتور مارتنز على الرغم من نفيها سابقاً ارتكاب أي مخالفة.
توظف شركة الأزياء العملاقة 200 مصمماً داخلياً، وهم من ضمن أكثر من 7000 موظف لديها.
قال مسؤول تنفيذي كبير في موقع الشركة لبي بي سي، إن لديه أيضاً فريقاً يراجع التصميمات الجديدة من قبل مورديها قبل وصولها إلى الموقع، لمحاولة حل أي مشكلات تتعلق بحقوق الملكية وهو الأمر الذي يؤخذ على محمل الجد.
وعلى الرغم من أن الشركة دفعت أكثر من مليون دولار لمصممين مستقلين حتى الآن، لا يزال موقع تويتر يتلقى شكاوى من الشركات الصغيرة، إذ يزعم البعض أن شي-إن، قد نسخت تصميماتها وباعت منتجات مماثلة بتكلفة أقل.
أطلقت الشركة مؤخراً برنامج شين إكس هو مسابقة عبارة عن مسابقة للمصممين الشباب مع جائزة بقيمة 100 ألف دولار ومجموعة أزياء معروضة في محاولة لتعزيز أوراق اعتمادها لدى الجمهور.
وانتقد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي هذه الخطوة، وتساءلوا عن سبب قيام شخصيات معروفة مثل مصمم الأزياء كريستيان سيريانو وكلوي كارداشيان بدعم المشروع.
خامساً: أثارت تساؤلات حول الاستدامة
أثارت أسعار منتجات شي-إن أيضاً تساؤلات حول أثار انشطتها على البيئة وممارساتها بشأن العمال، مثل العديد من منافساتها.
إنه تحد كبير، حيث تمثل صناعة الأزياء ما يصل إلى 8 في المئة من انبعاثات الكربون عالمياً وفقاً لإحدى دراسات الأمم المتحدة.
تشير روبرتا لي، مصممة أزياء صديقة للبيئة، إلى أن شين وشركات الأزياء السريعة الأخرى غالباً ما تستخدم أقمشة بوليستر، والتي تعتمد على “سحب المزيد من النفط والفحم من الأرض” ولا تتحلل بيولوجياً مثل المواد الطبيعية.
وتتهم الشركة بـ “استغلال مخاوف متلازمة تكرار الملابس” لدى البعض لكي يشتروا منها ملابس “من المحتمل أن تنتهي في مكب النفايات بعد ارتدائها وغسلها مرات قليلة”.
وتصر العلامة التجارية الصينية على أن طريقتها في إنتاج الملابس على دفعات صغيرة أكثر كفاءة وأن القليل منها يهدر.
وقال متحدث باسم الشركة إن نموذج أعمالها “يوازن بين رغبات المستهلكين واحتياجاتهم وعملية التخزين”.
كما تشير على موقعها الإلكتروني إلى أنها تريد الحصول على المزيد من الأقمشة المعاد تدويرها وتستخدم تقنية طباعة أقل تلويثاً من الطباعة التقليدية للرسومات والأشكال.
وفي الوقت نفسه، كشف تحقيق أجرته بي بي سي نيوز مؤخراً، عن ظهور إعلانات عن وظائف في مصانع ومستودعات شي-إن على مواقع التوظيف الصينية، وجاء فيها إن من ينتمون إلى خلفيات عرقية معينة، بما في ذلك الأيغور، يجب ألا يتقدموا لهذه الوظائف.
وقالت الشركة إنها لم تمول أو توافق على الإعلانات وإنها ملتزمة “بدعم معايير العمل العالية”.
وقال متحدث باسم الشركة لبي بي سي إن لديها “سياسات غير متسامحة مع العمل القسري وعمل الأطفال والتمييز”.
تقول إميلي سالتر، محللة البيع بالتجزئة، إن قاعدة عملائها “متسوقون متناقضون تماماً” بشكل عام. جيل الشباب الحالي الذي يعرف بجيل زد يفضل أكثر لشراء الملابس المستعملة واستئجارها ولكنه يشكل عماد ماركات الأزياء السريعة مثل شي-إن التي خضعت لتدقيق شديد.