وطني
الغربال : اتساع دائرة الوعي ، وتصاعدها ، وصل إلى الكل
الغربال
محمد جربوعة
اتساع دائرة الوعي ، وتصاعدها ، وصل إلى الكل ، ولم تعد تستثني أحدا ..
الوعي حرّر الجميع ..
شخصيات كبيرة ورؤساء أحزاب ، يعلنون اصطفافهم السياسي والثقافي والفكري ، اليوم ، ويعلنون سلخَ الجزائر من عروبتها ..
في المقابل ، شخصيات أخرى تخرج من الدبلوماسية لتسمي الأشياء بأسمائها ، وتعلن اصطفافها في مواجهة الدولة العميقة .. هنا أعني تصريحات سعيداني ، وشكيب خليل ..
جموعٌ تخرج اليوم في بجاية وتيزي وزو ، يحمل الكثير منها أعلام الماك ، ويعلن مشروعه بصراحة وبدون تورية ..
في مسيرات الجمعة معركة ( شعارات) بين جهتين .. جهة موالية لفرنسا ،تعمل على الانتقام من مؤسسة الجيش، وجهة معادية لفرنسا ، تدرك أنّ الحرب المعلنة على الجيش مؤامرة على الوطن..
أما مواقع التواصل ، فقد تحولت إلى حشد فكري وسياسي ، لصفين لا ثالث لهما ..
هذا يعني أنّ أمر التمايز لم يعد نخبويا .. بل لقد شمل كل الفئات والشرائح ..
الذين لهم قلوب دجاج ، سترتجف ركبهم من هذا الذي يحدث ، وسيقرعون طبول الحرب ، وسيسمون هذا فتنة ..
لكن الذين يدركون مآلات معركة الوعي ، يعرفون جيّدا أنّ مواجهة المشروع الفرنسي الاستئصال الانفصالي ، ليست فتنة ، بل هي واجب ، يجب تصعيد وتيرته فكريا وإعلاميا إلى أن يكشف هذه (النخالة) التي عاشت ستين سنة تخوّف الأغلبية من (الفتن) ، ليخلو لها الجو لممارسة إرهابها وتحكمها في الإعلام والجامعات والمدارس والنقابات والمؤسسات وصناعة النفط والموانئ والمطارات والقضاء ..
ولأنهم يدركون أنهم أقلية ، فهم يعرفون أنّ أي انتخابات قادمة ستكنسهم ، خاصة وأن الملايين من أبناء الأغلبية قد عقدوا العزم على إنهاء ( سيطرة الأقليات المرتبطة بفرنسا) ..
هم يدركون اليوم ، أن فرنسا تعيش وضعا مزريا ، ومن المستحيل أن تفكر في العدوان العسكري على الجزائر ، وإن فعلت ، فسيحرقها الجزائريون والعرب والمسلمون المقيمون فيها في أيام ..
فرنسا العجوز ، تعيش اليوم أسوأ مراحلها ، على وقع التذمر الداخلي وحركة السترات الصفراء ، والتذمر الخارجي لجيرانها منها ، ومنهم إيطاليا .. إضافة إلى تذمّر مستعمراتها القديمة منها ، وسعيها إلى التحرر من نفوذها ، خاصة في أفريقيا السمراء ..
فرنسا اليوم أسد من زجاج … كائن جريح ..
والذين يخوضون معركة الوعي اليوم ، يجب أن تكون قلوبهم من حديد ، لئلا يفوتوا هذه الفرصة ، في استعادة البلاد ..
لقد بدأ بعض وكلاء فرنسا يلينون كلامهم ، ويراجعون مواقفهم تجاه الجيش ، وتجاه الثوابت التي احتقروها عقودا .. بينما ذهب البعض الآخر باتجاه التخويف من ( حرب عرقية) ..وهذا مجرد هراء .. لأنّ الأغلبية الشعبية تقف اليوم مع الجزائر ، والشهداء ، وبيان أول نوفمبر ، وتحترم الفاتح عقبة بن نافع ، وتدافع عن الثوابت والمقدسات ، وترفض استهداف فرنسا الجيش الجزائري ،فهل يسمى تطويق الملايين الوفية ، لشرذمة من المفسدين المستفزين لثقافة الأمة ، صراعا بين طائفتين؟
لقد استطاعت فرنسا ووكلاؤها خلال ستين سنة أن يحرمونا من ثمار الاستقلال ، وأن يعيثوا في هذه البلاد فسادا ، وأن يضعوا أيديهم على كل المفاصل الحساسة للدولة ، وعلى كل الثروات والبنوك والمشاريع .. وأن يعبثوا بثقافة البلاد عبر تحكمهم في وزارة الثقافة ، وبمنظومتنا التربوية ، عبر استحواذهم على وزارة التربية ..
وبعد ستين سنة .. يجب على التاريخ أن يكتب اليوم شيئا آخر غير الذي كان ..
التاريخ ليس ربا .. التاريخ نحن من يصنعه .. ونحن من يقرر اتجاهه.. وعلى الشعب اليوم أن يستعيد الوطن ، سلطة وثورة وثروة .. وأن يكسر هذا الخوف الذي يسكنه من فرنسا .. ففرنسا التي هزمها الآباء الفقراء المتعبون الذين لا يملكون شيئا ، بالإمكان أن يكسر أنفها الأبناء والأحفاد مرة ثانية ..
وسأكون واضحا جدا … لأقول :
سنفاجئهم في معركة الصندوق القادمة ..أيا كان موعدها .. بطوفان لم يحسبوا حسابه .. يذهلهم ويذهل أمهم فرنسا ..
لنتمّ بذلك الاستقلال الذي صنعته دماء مليون ونصف مليون شهيد ..
فدعوا الغربال ، يتحرك ويهتز .. وسجّلوا ووثقوا ..لئلا يخدعوكم مرة أخرى ..
لقد بدأت عزائمهم تنهار .. لقد تفكك حلفهم ..ودبّ الخلاف في أحزابهم .. وخسروا الكثير من مواقعهم ونفوذهم .. وأصبح الكثير من رموزهم قاب قوس أو أدنى من مشنقة العدالة ..وحيل بينهم وبين القوة حين أدركوا قوة هذه الشراكة بين الشعب والجيش.. فلا تفلتوهم ..