آخر الأخبار

الاحتفال بيناير بين الششنقة والفينقة

البروفيسور عبد العالي عبد القادر استاذ العلوم السياسية

تثور في هذه السنوات، بين فئات من المجتمع الجزائري، مجموعة من الجدالات والخصومات العقيمة حول الأعياد والمناسبات. ومن بينها رأس السنة الفلاحية الخاصة بساكنة المغرب الكبير، والتي تسمى بعدة تسميات بحسب المناطق:

يناير، رأس العام، ليلة العام، ايض ن اوسكاس..وهي تقليد ثقافي مشترك بين جل سكان هذه المنطقة، منذ عصور قديمة.
لكن المستغرب أن يتحول إلى معركة بين طائفتين من المهووسين بالتمييز بين الجزائريين. وهنا بعض الملاحظات:

– استغرب من بعض المنسوبين الى البحث في التاريخ القديم، من دون التسلح بالأدوات اللازمة له، وممن يبالغون في تأثير الحضور الفينيقي في المنطقة إلى حد جعله أصلا أصيلا

ويثيرون معركة “دون كيشوتية” لكي يثبت بأن الناير اسطورة، وأن شيشنق مصري ولا علاقة له بالأمازيغ، الذين يتمنون تغييبهم من التاريخ، وأن التقويم الأمازيغي أكذوبة!!! :

الملاحظ أن كل الثقافات في كل العالم تنتج أساطيرها، وكل التقويمات الزمنية عبر الثقافات مخترعة، وليست دقيقة دائما، فهناك ثلاثة أنماط منتشرة من التقويمات تبنتها الشعوب عبر العالم: الشمسية، القمرية والجمع بين الشمسي والقمري، يتم ربطها بحادث رمزي قد لا يكون دقيقا ولا معاصرا بالضرورة من الناحية التاريخية.

فالمسيح عليه السلام لم يولد بالضرورة عام 0 ميلادي. والتاريخ الهجري اقترحه عمر رضي الله عنه بعد سنوات من وفاة الرسول والتقويم الأمازيغي المعتمد هو تقويم حديث أخترعه المرحوم عمار نقادي، وربطه بحادثة تاريخية رآها، بحسب وجهة نظره وقراءته التاريخية، مهمة في تاريخ الأمازيغ القديم، وهو اعتلاء شيشنق الليبي عرش مصر. (رغم أن الروايات التاريخية تختلف في طريقة توليه الحكم وتاريخ ذلك على وجه الدقة).

وأن الصلات بين الليبيين القدماء اسلاف الأمازيغ سكان المغرب الكبير، كانت لهم صلات ثابتة ومستمرة وأكثر مما نتوقع مع الحضارة المصرية ومنطقة وادي النيل منذ العصور القديمة.

هذا الصنف مصاب بعقدة كراهية الذات، ونسبه نفسه الى مجال جغرافي وثقافي آخر. رغم شدة الصلة به. ولا خير في من لا يعتز بقومه.

– استغرب من بعض نشطاء الفايسبوك من فريق الششنقة (أسطرة رواية شيشنق)، احتكار هذه المناسبة ومحاولة احتكارها ثقافيا في جهة واحدة من الوطن! أو لدى المناطق الناطقة باللهجات الأمازيغية على أقصى تقدير!!

رغم أنها مناسبة يجري الاحتفال بها في العديد من المناطق الجزائرية المازغة منها والمستعربة!!، بل في سائر المنطقة المغاربية والشمال افريقية:

من منطقة سيوة المصرية، إلى ليبيا، وجزر الكناري ناهيك عن المغرب والجزائر؟!! وهنا يتبدى البعد الأمازيغي المشترك بين كل الجزائريين باعتبارهم من أرومة واحدة، وعدم اختزال الأمازيغية في اللهجة او اللغة فقط.

وهذا الصنف الفريقين، مصاب بعقدة الأوهام والأصالة التاريخية المحضة التي لا توجد في الواقع ولا في التاريخ.

– هذه العقليات الانقسامية والانشطارية، هي جند مجاني من جنود الغباء الذي يسهل مهمة كل فتان داخلي يبحث عن الشهرة وعن الإشارة إليه بالبنان، او خارجي يريد التحكم في مصير وموارد البلد.

فهي تحول كل ما يمكن أن يكون عاملا مشتركا إلى عامل تقسيم: الاسلام حين يتناوله هؤلاء سيقسمون به المسلمين الى كفرة وطوائف ضالة، وطائفة وحيدة يتيمة ناجية!!! وحين يتناولون المسألة اللغوية والثقافية سيقسمون الجزائريين الى وطنيين شرفاء وأخرين خونة وعملاء، يحتاجون الى تطهير، أو جزائريين أصلاء وآخرين طارئين ودخلاء يحتاجون الى انفصال عنهم أو تسفير!!

وذلك، ليس بناءا على معايير موضوعية ووقائع تاريخية ثابتة، بل بناءا على تصوراتهم الضيقة، ومواقعهم المتحيزة، وغرائزهم العنصرية المتحفزة، رغم أن الكثير منهم ينسب نفسه الى الثقافة وقيادة الرأي العام وأنه يتكلم باسم الأغلبية ويريد أن يهديها الى الحقيقة في مسألة الهوية!!!.

عام سعيد لكل الجزائريين واهل المغرب الكبير وأسكاس أماينو

الوسوم

خالد ميمون

مدون جزائري. مستشار تقني في الاتصالات , مهتم بالتقنية المجتمع و الدين, يدون بشكل غير منتظم في مدونة البريد اليومي , ذو خبرة في مجالات : الاتصالات , الشبكات , الخوادم ,تصميم مواقع الانترنت الديناميكية و الحلول المخصصة, أنظمة لينيكس و البرامج مفتوحة المصدر.

مقالات ذات صلة

أترك تعليقا

إغلاق