ثقافة

أن تكونَ قويًا بينما تقفُ في الحياةِ وحيدًا!

نمرُّ دائمًا كلنا بأوقاتٍ عصيبةٍ جدًا، نحتاجُ فيها إلى من يُشاركنا أحزاننا ومواقفنا السيئة التي تُثْقِلُ كاهلنا، صديقٌ كان أو أخٌ أو حبيبٌ يساعدنا على التَّخَلُّصِ من الحزنِ، ولكن دائمًا أيضًا ما نسمعُ العديدَ من الجُمَلِ الرتيبةِ التي يُحبطنا سماعها أكثر، تتلخصُ هذه الجُمَل في محاولاتٍ بسيطةٍ تخبرك بأن “ستكون بخير” أو “لا تقلق” أو “أنت فقط تحتاجُ لتخطي ذلك” أو “لا تكن حساسًا بدرجةٍ كبيرةٍ كذلك”، أو في بعضِ الأحيانِ تكون الجملةُ الشهيرةُ “انظر إلى نصفِ الكوبِ الممتلئ”، ربما في ظاهرها قد تكون تلك الجمل مُشَجّعةً لتخطي حُزنك أو مِحنتك، ولكنها أيضًا تظهرُ بمظهرٍ مخيبٍ ومزري في بعض الأحيان، حين تكون هي حلَّ كلِّ شيءٍ والردَ على كلِّ مشكلةٍ. في هذا المقال سنتناولُ هذه المعضلةَ بشكلٍ نفسي وأكاديمي، من خلالِ بحثٍ أصدرته “جودي كلارك” على موقعِ “Psych Central Blogs”، حيث يُعدّ بحثًا وافيًا جدًا وسنعتمدهُ في هذا المقالِ كمرجعٍ أساسي لحديثنا.

التَّخَلُّصُ من الحزنِ بخطواتٍ فعّالةٍ وبسيطةٍ

التجاهلُ في وقتِ الاحتياجِ

من أصعبِ المواقفِ العاطفيةِ التي قد يمرُّ بها الفردُ على المستوى النفسي، هي محاولته لتوضيحِ مدى آلامه النفسية الشديدة التي يمرُّ بها للآخرين – خصوصًا حينما تكونُ في مجتمعٍ يحرصُ كلُّ فردٍ فيه على استقلاليته على المستوى النفسي – لذلك سيُصابُ الفردُ دائمًا بالوحدةِ الشديدةِ، والتي سيكون سببها في الأساسِ أنّه لا يجدُ أيَّ شخصٍ يهتمُ بما يعاني منه، وسيكون الإنسانُ في أَمَسِّ الحاجةِ إلى من يقفُ بجواره مع إيمانه التَّامّ بأنّه لن يجدَ ذلك الشخصَ أبدًا، تَتَفَهَّمُ جيدًا أنّه عليك المرور على جراحك والسعي من أجلِ استمرارِ الحياة؛ لأنّ هذا هو الطبيعي فالحياةُ ستستمر سواءً رضيتَ بذلك أم لا، ولكن في بعضِ الأحيانِ يبدو ذلك مستحيلًا؛ لأنّه يكون من السهلِ عليك في تلك الفترة الكئيبة أن تجدَ نفسك عالقًا في جرحك كأنّك عالقٌ في وحلٍ من الرمالِ السوداءِ تشُدكَ لأسفل بكلِّ قوةٍ، وتُخبرك ألّا أحد سيفهمك، لا أحد سيُقدر ما تمرُّ به من آلامٍ، ولا أحد سيكون موجودًا ليساعدُك على تخطيها، وبالرغم من أنّ هذه الآلامَ قاسيةٌ لأقصى حدٍّ، ولكن بإمكانك أيضًا تخطيها رغم علمك الكامل بأن ليس هناك من سيساعدك على فعلِ ذلك، فقط ستستطيعُ فعلَ ذلك إذا تذكّرت هذه الأفكار التالية.

الناسُ يفعلون ما يستطيعون قياسًا على ما يمتلكون

في بعضِ الأحيانِ تحصلُ على إجاباتٍ سطحيةٍ جدًا لمشاكلك – كالتي تمَّ ذكرها في مُقدمة حديثِنا – ولكنّها بالطبعِ لن تُرضيك؛ لأنّك تحتاجُ لما هو أكثرُ من ذلك، تحتاجُ حلولًا جذريةً لما تمرُّ به، ما يجب أن تعرفه أنّ الجميعَ يقفُ بجانبك، يتفهمونك ولكن لا يعرفون كيف يساعدوك خصوصًا حين تكونُ مساعدتك نفسيةً وليست شيئًا ماديًا سيقومون بإنجازه فقط. لذلك، تُصاب أدمغتهم بالشللِ عن التفكيرِ في كيفيةِ مساعدتك، فيلجأون لتلك الجُمَل السطحية والبسيطة؛ لأنّها فقط ما سيقدرون على فعله، فالناسُ في الطبيعي – وهذا ليس بشيءٍ يختاروه – لا يشعرون بالارتياح حين يشكو لهم أحدٌ ما آلامه، فيحاولون فقط التخفيفَ بإلقاءِ مزحةٍ بسيطةٍ أو جملةٍ تشجيعيةٍ قد تساعدُ على نهوضك مجددًا للحياةِ ولو بشكلٍ بسيطٍ. لذلك، لا تصنفه على أنّه نوعٌ من التهربِ أو الاستخفافِ، إنّه فقط ما يمتلكون لمساعدتك؛ لأنّهم من الطبيعي لا يشعرون أنّهم مُعَدّون أو مُهيَّأون لتَحَمُّلِ آلامك والتخفيفِ عنك بالطريقةِ التي تريدها، وتتخيلها أنت.

قدرتك على التخطي أكبرُ مما تتخيل

لديك العديد من المميزاتِ ونقاطِ القوةِ التي يمكنك استغلالها في التغلبِ على أحزانك، ربما لا تدركها ولا تعرف مواطنها، ولكن عليك وبشدة أن تحاولَ أن تتعرَّفَ عليها. لذلك، إذا شعرتَ بأنّ هناك مشكلةً قادمةً وستسببُ لك الكثيرَ من الآلامِ، اذهب إلى أصدقائك وعائلتك واسألهم أن يخبروك عن مناطقِ قوتك الحقيقية وما يرونه مثيرًا للإعجاب فيك من صفاتٍ، وحتى إذا كنتَ تفضّل اكتشافها وحيدًا، اذهب إلى الإنترنت وابحث عن مقاييسٍ واختباراتٍ ستساعدك على اكتشافِ نقاطِ قوتك، وحين تعرفها ستكونُ في أتمِّ الجاهزية للتغلبِ على مشاكلك وآلامك القادمة والحالية أيضًا، فنقاطُ القوةِ هذه ستكونُ الدافعَ لك في رحلةِ التَّخَلُّصِ من الحزنِ.

أن تجدَ الإلهامَ

بينما نكونُ غارقين بشكلٍ مؤسفٍ في صراعنا النفسي، نستطيعُ أن نشعرَ وبقوةٍ بمدي ضياعنا في آلامنا، وأنّنا لن نقدرَ على الاستمرارِ والتقدمِ للأمامِ، انظر حولك وتخيّل أنّ كلَّ الأمورِ مُبهجةٌ وأنّك في حفلةٍ من الجمالِ المطلقِ، وتذكّر دائمًا أنّك كبرتَ وتخطيتَ الكثيرَ، اجمع كلَّ المقولاتِ والاقتباساتِ واللقاءاتِ التحفيزيةِ، ستتحدثُ لك بأسلوٍب خاصٍ، اجمع حولك كلَّ الأشياءِ التي دائمًا ما أعطتْ معنى لحياتك ولمراحلك العمريةِ كلّها، أشياءُ كانتْ سببًا في سعادتك يومًا ما، ولا تستهين بذلك لأنّها ستكون سببًا لخروجك من محنك أيضًا، وبجمعك لكلِّ الرسائلِ والأشياءِ التي ساعدتك دائمًا على النهوضِ، ستشعرُ أنّك قادرٌ على المواصلةِ للأمامِ وتخطي أحاديثَ نفسِكَ السيئة التي تَضُركَ في أوقاتِ انتكاساتك، وبهذا ستتمكّن من التَّخَلُّصِ من الحزنِ بشكلٍ أسهل.

شاهد هذا الفيديو أيضًا سيساعدك على التَّخَلُّصِ من الحزنِ:

ولكي تتمكّن من التَّخَلُّصِ من الحزنِ، عليك أن تتخذَ خطوةً إلى الأمامِ، وتنطلقَ في طريقك من جديدٍ وأنت في منتصفِ أحزانك يُعتبر إنجازًا كبيرًا، ولتمتلك تلك القدرة التي تمكّنك من اتخاذِ هذه الخطوة، عليك أن تضعَ الإطارَ الكبيرَ الذي يحوي طريقك المسلوك في ذهنك دائمًا، وتتذكّر كلَّ التشجيعِ والأملِ الذين حصلتَ عليهم يومًا، وأيضًا كلمات أولئك الذين طلبتَ مساعدتهم من قبل، كُلُّ ذلك سيجعلك قويًا حتى تتغلبَ على حزنك الشديدِ أو حتى لإبعاده عن طريقك قليلًا.

‘); var postContentAdvert1 = $(‘#post-content-218885-ad-1’, postContent); postscribe(postContentAdvert1, “

الوسوم

خالد ميمون

مدون جزائري. مستشار تقني في الاتصالات , مهتم بالتقنية المجتمع و الدين, يدون بشكل غير منتظم في مدونة البريد اليومي , ذو خبرة في مجالات : الاتصالات , الشبكات , الخوادم ,تصميم مواقع الانترنت الديناميكية و الحلول المخصصة, أنظمة لينيكس و البرامج مفتوحة المصدر.

مقالات ذات صلة

أترك تعليقا

إغلاق