ثقافة
قبل أن تستخدم معطرات الجو
بلغ حجم الاستثمار في صناعة معطرات الجو 1.72 بليون دولار أمريكي مع نهاية 2016 مع تكهنات بارتفاع يصل إلى 20%، وتتوافر معطرات الجو في صورٍ شتى؛ رذاذ وهلام (جل)، وشموع وفواحات، وبخور، وغيرها. وقد لا يخلو مكان عام من وجود معطرات الجو، فكيف تعمل؟ وما الوجه الآخر لمعطرات الجو؟
تقوم معطرات الجو إما بمعادلة أو إخفاء (تغطية) الروائح الكريهة وذلك وفقًا لآليات متباينة؛ فمعادلةُ الروائحِ الكريهة تستلزمُ وجودَ تفاعل كيميائي بين المعطر والمادة الكريهة، في حين أن إخفاء الرائحة الكريهة أمر أيسر؛ ويعتمد على تعطيل النهايات العصبية بالأنف بشكلٍ مؤقت مما يُوهِم بغياب الرائحة المُنَفِّرة. مكمن الخطورة يعزى لمكونات معطر الجو؛ والتي تشمل: المواد العضوية المتطايرة VOCs (من أشهرها البنزين والأسيتون والأسيتالدهيد)، ومركبات الجليكول إيثر، والمركبات البترولية، والفثالات، ومادة داي كلورو بنزين (1,4 DCB) فضلًا عن التربينات؛ ومن بينها مادة الليمونين، والكامفور، واللينالول، وغيرها الكثير.
تأثير معطرات الجو السلبي لا يقتصر على فئة عمرية دون غيرها، بل يؤثر على الرجال، والنساء، والأطفال. الفثالات تؤدي للبلوغ المبكر لاسيما لدى الفتيات، وتراجع الخصوبة لدى الرجال، وتقلل من عدد الحيوانات المنوية، كما تؤثر على السيدات الحوامل من خلال إحداث خلل في الغدد الصماء، وتشويه الأجنة، واكتئاب الحوامل، والصداع النصفي بدرجات متفاوتة. قامت جمعية الدفاع عن الموارد الطبيعية NRDC والتي تتخذ من نيويورك مقرًا لها؛ بإجراء دراسة كشفت عن وجود الفثالات في 12 عينة عشوائية من بين 14 عينة لمعطرات الجو ذائعة الصيت، وذلك بالرغم من وجود عبارة “طبيعي تمامًا” على العبوة. أيضًا تلعب الفثالات دورًا في الإصابة بالسمنة، والتوحد في الأطفال، وفي دراسة أخرى بجامعة بريستول عام 2003 ربط الباحثون بين آلام الأذن وحالات الإسهال التي يعاني منها الأطفال وبين معطرات الجو خصوصًا في الأماكن رديئة التهوية.
مادة داي كلورو بنزين تتواجد في كرات قتل العثة (النفتالين)، هي مادة مسرطنة تسبب سرطان الخصية والكلى في فئران التجارب، وترتبط بتدهور وظائف الرئة، وزيادة معدلات أزمات الربو في الإنسان. وأثبتت دراسة قامت بها آن ستاينمان من جامعة واشنطن في 2008 أنّ التعرض لمعطرات الجو مرة واحدة أسبوعيًا يؤدي لتدهور أزمة الربو بمعدل 71%، كما توجد به مادة PEG-40 وهي إحدى مواد الجليكول إيثر والتي تعد إحدى الملوثات الهوائية، والتربينات تتفاعل مع الأوزون في الأماكن المُغلقة وينتج عن ذلك الفورمالدهيد، وهو من المركبات المسرطنة للإنسان على المدى الطويل لاسيما سرطان الرئة، ويؤدي إلى مشاكل بالجهاز التنفسي وتهيج الأغشية المخاطية.
يمكن استعمال معطرات الجو في الأماكن جيدة التهوية، وكذلك في المنازل التي يحيطها سياج من النباتات الخضراء، والتي تمتص المواد السامة، كما يحبذ استعمال المعطرات الطبيعية والتي يمكن انتاجها منزليًا.