محلي

بريكة بباتنة تنظم أكبر حملة لجمع قارورات الخمر الفارغة

إمبراطورية الخمور تحوّلت إلى مصلى والمئات أدوا صلاة العصر

بريكة بباتنة تنظم أكبر حملة لجمع قارورات الخمر الفارغة

شهدت مدينة بريكة بولاية باتنة الجمعة، أضخم عملية تنظيف للطرقات من قارورات الخمر الفارغة، العملية جاءت عقب احتجاج قام به سكان النوخة والضيافات والرويشات قبل أيام، وداهموا خلالها أماكن بيع الخمر بطريقة عشوائية أو ما صار يسمى بإمبراطورية تعاطي الخمور في الجزائر، ثم جمعوا أطنان قارورات الخمر الفارغة وقطعوا بواسطتها الطريق، ونصبوا خيمة في طريق الوزن الثقيل، معلنين دخولهم في اعتصام مفتوح. ولم ينتهوا إلا بعد تلقيهم ضمانات من طرف الجهات المختصة لمحاربة بيع الخمور في هذه الأماكن.

اشترط  المواطنون على أن يكون المشرف على العملية إماما، حيث أوكلوا المهمة لمعتمد الأئمة وخطيب مسجد النصر الشيخ صالح بوعلاق، خاصة وأنه كان وراء عدولهم عن الاحتجاج، عندما التقاهم في منتصف الليل، فأقنعهم بأن المنكر لا يمكن أن يغير بخطإ، لأن في الاعتصام وقطع الطريق مضرة أكثر، فاستجابوا له، قبل أن يلتقوا مع السلطات المحلية بما فيهم رئيس الدائرة ورئيس المجلس الشعبي البلدي، ومسؤولا الدرك والأمن، وتم تحديد الفترة ما بعد صلاة الجمعة موعدا للحملة، والاتفاق على تسخير الإمكانيات المادية المتاحة بالبلدية، فضلا عن مساهمة الخيرين والمقاولين. 

وبعد الفراغ من صلاة الجمعة، كان الناس في الموعد، حيث التقى المئات من السكان أمام مسجد النصر جاءوا حتى من مدن بعيدة، بعد الاعلان عن الحملة عبر شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، وحملوا لافتات كتب عليها “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”، “معا من أجل بريكة نظيفة من الخمر والمخدرات”، “يدا بيد طاعة لربنا وحفاظا على مستقبل وطننا وأبنائنا، لا لأم الخبائث”. وقبل الشروع في العملية ألقى خطيب المسجد الشيخ صالح بوعلاق كلمة على المشاركين، حثهم فيها على التحلي بالأخلاق الحميدة، وعدم التعرض لأي شخص بأذى، خاصة وأن واحدا منهم قال بصوت مرتفع: الله أكبر إلى الجهاد ضد الخمر، وهنا استغل الشيخ الفرصة قائلا: لا، لا، نحن رجال الهداية، أما متعاطو الخمور فإخواننا، وواجبنا نحوهم النصح لا غير، ثم ردد: الرفق الرفق، الرحمة الرحمة، فردد الحاضرون مثله نفس الكلام.

رواد المخامر شاركوا في العملية!

وما هي إلا لحظات حتى لحقت بهم نحو 35 شاحنة، و5 جرافات، وشاحنة صهريج، فضلا عن المؤونة من أكل ومشروبات وماء معدني، وكل ذلك كان مساهمة من الخيرين فتمت العملية في مشهد باهر، حيث فاق عدد المشاركين قرابة ألفي شخص، بحضور جميع الهيئات من درك وشرطة، وحماية مدنية، فضلا عن المنتخبين المحليين، ناهيك عن الجمعيات. والمدهش في العملية أن العشرات من بين المشاركين تعودوا على ارتياد المكان، لكن لتناول الخمور، أما بعض الباعة فقد تكفلوا بحراسة السيارات، واللافت عند حضور وقت صلاة العصر، توقف الجميع عن العملية، ثم توضأوا، ورفع الآذان عبر مكبر الصوت بذات المكان الذي كان بالأمس ملتقى للسكر وإمبراطورية للفساد، وأقيمت الصلاة، حيث أمّهم الشيخ صالح بوعلاق.

وأمام هذا المشهد لم يتوان بعض مستعملي الطريق من الولايات المجاورة، خاصة من سطيف والمسيلة وباتنة في التوقف، ومنهم من أبى إلا المشاركة في العملية، فيما راح آخرون يلتقطون صورا تذكارية، قبل أن تنتهي العملية قبيل صلاة المغرب، حيث تلا الشيخ بوعلاق بصفته ناطقا رسميا للحملة، بيانا أعلن فيه عن حصيلة العملية، التي عرفت جمع أكثر من 120 طن من القارورات الفارغة، تم نقلها إلى منطقة الصفر أين تتواجد المفرغة العمومية، علما أنها شهدت أيضا اصابة 7 أشخاص بجروح، تتراوح أعمارهم ما بين 14 سنة و20 سنة، نتيجة سقوطهم على الزجاج، وسوء حمله أيضا، وقد تلقوا الإسعافات بمستشفى محمد بوضياف.

وفي الأخير، دعا الشيخ بوعلاق الذي كان مرفوقا بسبعة أئمة آخرين، الحاضرين إلى ضرورة إحراج متعاطي الخمور بزيارة هذه الأماكن حتى لا يفكروا في العودة إليها. كما توجه بالشكر للجميع، آملا أن يكونوا قدوة لغيرهم، كما أبدى المشاركون سعادتهم بالعملية وزيارتهم للمكان بعد ما حرموا منه منذ عشرات السنين.

الوسوم

خالد ميمون

مدون جزائري. مستشار تقني في الاتصالات , مهتم بالتقنية المجتمع و الدين, يدون بشكل غير منتظم في مدونة البريد اليومي , ذو خبرة في مجالات : الاتصالات , الشبكات , الخوادم ,تصميم مواقع الانترنت الديناميكية و الحلول المخصصة, أنظمة لينيكس و البرامج مفتوحة المصدر.

مقالات ذات صلة

أترك تعليقا

إغلاق